رضي به الزوج إلا لعذر. كما سيأتي لأن في العدة حقا لله تعالى والحق الذي لله تعالى لا يسقط بالتراضي وخرج بقيد المبتوتة الرجعية فإن للزوج إسكانها حيث شاء في موضع يليق بها وهذا ما في حاوي الماوردي والمهذب وغيرهما من كتب العراقيين، لأنها في حكم الزوجة وبه جزم النووي في نكته، والذي في النهاية وهو مفهوم المنهاج كأصله أنها كغيرها وهو ما نص عليه في الام كما قاله ابن الرفعة وغيره. وهو كما قال السبكي: أولى لاطلاق الآية وقال الأذرعي: إنه المذهب المشهور وقال الزركشي إنه الصواب ولأنه لا يجوز له الخلوة بها فضلا عن الاستمتاع فليست كالزوجة ثم استثنى من وجوب ملازمة البيت. قوله: (إلا لحاجة) أي فيجوز لها الخروج في عدة وفاة وعدة وطئ شبهة ونكاح فاسد وكذا بائن ومفسوخ نكاحها وضابط ذلك كل معتدة لا تجب نفقتها ولم يكن لها من يقضيها حاجتها لها الخروج في النهار لشراء طعام وقطن وكتان وبيع غزل ونحوه للحاجة إلى ذلك، أما من وجبت نفقتها من رجعية أو بائن حامل مستبرأة فلا تخرج إلا بإذن أو ضرورة كالزوجة، لأنهن مكفيات بنفقة أزواجهن وكذا لها الخروج لذلك ليلا إن لم يمكنها نهارا وكذا إلى دار جارتها لغزل وحديث ونحوهما للتأنس، ولكن بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها.
تنبيه: اقتصر المصنف على الحاجة إعلاما بجوازه للضرورة من باب أولى كأن خافت على نفسها تلفا أو فاحشة أو خافت على مالها أو ولدها من هدم أو غرق. فيجوز لها الانتقال للضرورة الداعية إلى ذلك، وعلم من كلامه كغيره وتحريم خروجها لغير حاجة وهو كذلك، كخروجها لزيارة وعيادة واستنماء مال تجارة ونحو ذلك.
تتمة: لو أحرمت بحج أو قران بإذن زوجها أو بغير إذن ثم طلقها أو مات، فإن خافت الفوات لضيق الوقت جاز لها الخروج معتدة لتقدم الاحرام، وإن لم تخف الفوات لسعة الوقت جاز لها الخروج إلى ذلك أيضا، لما في تعيين الصبر من مشقة مصابرة الاحرام وإن أحرمت بعد أن طلقها أو مات بحج أو عمرة أو بهما امتنع عليها الخروج. سواء أخافت الفوات أم لا فإذا انقضت العدة أتمت عمرتها أو حجها إن بقي وقته وإلا تحللت بأفعال عمرة ولزمها القضاء ودم الفوات ويكتري الحاكم من مال مطلق لا مسكن له مسكنا لمعتدته لتعتد فيه إن فقد متطوع به فإن لم يكن له مال اقترض عليه الحاكم فإن أذن لها الحاكم أن تقترض على زوجها أو تكتري المسكن من مالها جاز وترجع به فإن فعلته بقصد الرجوع بلا إذن الحاكم نظر. فإن قدرت على استئذانه أو لم تقدر ولم تشهد لم ترجع وإن لم تقدر وأشهدت رجعت.
فصل: في أحكام الاستبراء