فصل: في الجعالة وجيمها مثلثة كما قاله ابن مالك، وهي لغة اسم لما يجعل للانسان على فعل شئ. وشرعا. التزام عوض معلوم على عمل معين معلوم أو مجهول عسر علمه. وذكرها المصنف كصاحب التنبيه والغزالي وتبعهم في الروضة عقب الإجارة لاشتراكهما في غالب الأحكام، إذ الجعالة لا تخالف الإجارة إلا في أربعة أحكام: صحتها على عمل مجهول عسر علمه كرد الضال والآبق، وصحتها مع غير معين وكونها جائزة وكون العامل لا يستحق الجعل إلا بعد تمام العمل. وذكرها في المنهاج كأصله تبعا للجمهور عقب باب اللقيط لأنها طلب التقاط الضالة. والأصل فيها قبل الاجماع وإلا خبر الذي رقاه الصحابي بالفاتحة على قطيع من الغنم كما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو الراقي كما رواه الحاكم. والقطيع ثلاثون رأسا من الغنم. وأيضا الحاجة قد تدعو إليها فجازت كالإجارة، ويستأنس لها بقوله تعالى * (ولمن جاء به حمل بعير) * وكان معلوما عندهم كالوسق، ولم أستدل بالآية لأن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا وإن ورد في شرعنا ما يقرره. وأركانها أربعة: عمل وجعل وصيغة وعاقد. وشرط في العاقد وهو الركن الأول اختيار، وإطلاق تصرف ملتزم ولو غير المالك، فلا يصح التزام مكره وصبي ومجنون ومحجور سفه وعلم عامل ولو مبهما بالالتزام، فلو قال: إن رده زيد فله كذا. فرده غير عالم بذلك. أو: من رد آبقي فله كذا فرده من لم يعلم ذلك لم يستحق شيئا. وأهلية عمل معين فيصح ممن هو أهل لذلك ولو عبدا وصبيا ومجنونا ومحجور سفه، ولو بلا إذن بخلاف صغير لا يقدر على العمل لأن منفعته معدومة كاستئجار أعمى للحفظ. (والجعالة جائزة) من الجانبين، فلكل من المالك والعامل الفسخ قبل تمام العمل، وإنما يتصور الفسخ ابتداء من العامل المعين، وأما غيره فلا يتصور الفسخ منه إلا بعد الشروع في العمل، فإن فسخ المالك أو العامل المعين قبل الشروع في العمل أو فسخ العامل بعد الشروع فيه فلا شئ له في الصورتين. أما في الأولى فلانه لم يعمل شيئا، وأما في الثانية فلانه لم يحصل غرض المالك. وإن فسخ المالك بعد الشروع في العمل فعليه أجرة المثل لما عمله العامل لأن جواز العقد يقتضي التسليط على رفعه، وإذا ارتفع لم يجب المسمى كسائر الفسوخ لكن عمل العامل وقع محترما فلا يفوت عليه فرجع إلى بدله وهو أجرة المثل.
(وهي) أي لفظ الجعالة أي الصيغة فيها وهو الركن الثاني (أن يشترط) العاقد المتقدم ذكره