تتمة: أفضل ما أكلت منه كسبك من زراعة لأنها أقرب إلى التوكل ثم من صناعة لأن الكسب فيها يحصل بكد اليمين ثم من تجارة، لأن الصحابة كانوا يكتسبون بها. ويحرم ما يضر البدن أو العقل كالحجر والتراب والزجاج، والسم كالأفيون وهو لبن الخشخاش لأن ذلك مضر وربما يقتل وقد قال تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) *. قال الزركشي: في شرح التنبيه: ويحرم أكل الشواء المكمور وهو ما يكفأ عليه غطاء بعد استوائه لاضراره بالبدن. ويسن ترك التبسط في الطعام المباح فإنه ليس من أخلاق السلف، هذا إذا لم تدع إليه حاجة كقرى الضعيف وأوقات التوسعة على العيال كيوم عاشوراء ويومي العيد ولم يقصد بذلك التفاخر والتكاثر بل لطيب خاطر الضعيف والعيال وقضاء وطرهم مما يشتهونه، وفي إعطاء النفس شهواتها المباحة، مذاهب حكاها الماوردي: منعها وقهرها لئلا تطغى، والثاني إعطاؤها تحيلا على نشاطها وبعثا لروحانيتها. قال: والأشبه التوسط بين الامرين لأن في إعطائها الكل سلاطة عليه وفي منعها بلادة. ويسن الحلو من الأطعمة وكثرة الأيدي على الطعام وأن يحمد الله تعالى عقب الأكل والشرب. وروى أبو داود بإسناد صحيح أنه (ص) كان إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا.
فصل: في الأضحية مشتقة من الضحوة وسميت بأول زمان فعلها. وهو الضحى وهي بضم همزتها وكسرها وتشديد يائها وتخفيفها ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى * (فصل لربك وانحر) * فإن أشهر الأقوال: أن المراد بالصلاة، صلاة العيد وبالنحر الضحايا، وخبر الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي (ص) قال: ما عمل ابن آدم يوم النحر من عمل أحب إلى الله تعالى من إراقة الدم إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا (والأضحية) بمعنى التضحية كما في الروضة لا الأضحية كما يفهمه كلامه لأن الأضحية اسم لما يضحى به. (سنة) مؤكدة في حقنا على الكفاية إن تعدد أهل البيت فإذا فعلها واحد من أهل البيت كفى عن الجميع وإلا فسنة عين، والمخاطب بها المسلم الحر البالغ العاقل المستطيع. وكذا المبعض، إذا ملك مالا ببعضه الحر قاله في الكفاية.
قال الزركشي: ولا بد أن تكون فاضلة عن حاجته وحاجة من يمونه لأنها نوع صدقة وظاهر هذا أنه يكفي أن تكون فاضلة عما يحتاجه في ليلته ويومه وكسوة فصله، كما في صدقة التطوع وينبغي أن تكون فاضلة عن يوم العيد وأيام التشريق، فإنه وقتهما كما أن يوم العيد وليلة العيد وقت زكاة الفطر واشترطوا فيها أن تكون فاضلة عن ذلك وأما المكاتب فهي منه تبرع فيجري فيها ما يجري في سائر تبرعاته.
تنبيه: شمل كلام المصنف أهل البوادي والحضر والسفر والحاج وغيره: لأنه (ص)