الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٢
وإن حضر الآبق لأنه لم يرده بخلاف ما لو اكترى من يحج عنه، فأتى ببعض الأعمال ومات، حينئذ يستحق من الأجرة بقدر ما عمل. وفرقوا بينهما بأن المقصود من الحج الثواب، وقد حصل ببعض العمل وهنا لم يحصل شئ من المقصود، وإذا رد الآبق على سيده فليس له حبسه لقبض الجعل لأن الاستحقاق بالتسليم، ولا حبس قبل الاستحقاق وكذا لا يحبسه لاستيفاء ما أنفقه عليه بإذن المالك، ويصدق المالك بيمينه إذا أنكر شرط الجعل للعامل بأن اختلفا فيه فقال العامل: شرطت لي جعلا، وأنكر المالك. أو أنكر سعي العامل في رد الآبق بأن قال: لم ترده، وإنما رجع بنفسه لأن الأصل عدم الشرط والرد، فإن اختلف الملتزم من مالك أو غيره والعامل في قدر الجعل بعد فراغ العمل تحالفا وفسخ العقد، ووجب للعامل أجرة المثل كما لو اختلفا في الإجارة.
فصل: في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض فالمزارعة تسليم الأرض لرجل ليزرعها ببعض ما يخرج منها والبذر من المالك. والمخابرة كالمزارعة لكن البذر من العامل. وكراء الأرض سيأتي. فلو كان بين الشجر نخلا كان أو عنبا أرض لا زرع فيها صحت الزراعة عليها مع المساقاة على الشجر تبعا للحاجة إلى ذلك، إن اتحد عقد وعامل بأن يكون عامل المزارعة هو عامل المساقاة وعسر إفراد الشجر بالسقي وقدمت المساقاة على المزارعة لتحصيل التبعية، وأن تفاوت الجزءان المشروطان من الثمر والزرع وخرج بالمزارعة المخابرة فلا تصح تبعا للمساقاة لعدم ورودها كذلك (وإذا) أفردت المزارعة أو المخابرة بأن (دفع) مطلق التصرف (إلى رجل أرضا) أي مكنه منها (ليزرعها) وكان البذر من المالك (وشرط له) أي للعامل (جزءا) كثيرا كان أو قليلا (معلوما) كالثلث (من زرعها) وهو المسمى بالمزارعة أو كان البذر من العامل وشرط للمالك ما مر وهو المسمى بالمخابرة (لم يجز) في الصورتين للنهي عن الأولى في مسلم وعن الثانية في الصحيحين، والمعنى في المنع فيهما أن تحصيل منفعة الأرض ممكنة بالإجارة فلم يجز العمل فيها ببعض ما يخرج منها كالمواشي بخلاف الشجر فإنه لا يمكن عقد الإجارة عليه، فجوزت المساقاة للحاجة والمغل في المخابرة للعامل لأن الزرع يتبع البذر وعليه للمالك أجرة مثل الأرض، وفي المزارعة للمالك لأنه نماء ملكه وعليه للعامل أجرة مثل عمله وعمل دوابه وعمل ما يتعلق به من آلاته، سواء أحصل من الزرع شئ أم لا أخذا من نظيره في القراض، وذلك لأنه لم يرض ببطلان منفعته إلا ليحصل له بعد الزرع، فإذا لم يحصل له وانصرف كل المنفعة للمالك استحق الأجرة. وطريق جعل الغلة لهما في صورة إفراد الأرض بالمزارعة، أن يستأجر المالك العامل بنصف البذر شائعا ليزرع له النصف الآخر في الأرض، ويعيره نصف الأرض شائعا أو يستأجر العامل بنصف البذر شائعا ونصف منفعة الأرض كذلك ليزرع له النصف الآخر من البذر في النصف الآخر من الأرض، فيكونان شريكين في الزرع على المناصفة ولا أجرة لأحدهما على الآخر لأن العامل يستحق من منفعة الأرض بقدر نصيبه من الزرع، والمالك من منفعته بقدر نصيبه من الزرع، وطريق جعل الغلة لهما في المخابرة ولا أجرة أن يستأجر العامل نصف الأرض بنصف البذر ونصف عمله ومنافع دوابه وآلاته، أو بنصف البذر ويتبرع بالعمل والمنافع. ولا بد في هذه الإجارة من رعاية الرؤية وتقدير المدة وغيرهما من شروط الإجارة.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302