حفصة، والام أولى من غيرها إذا حصلت الشروط فيها عند الموت وينعزل ولي بفسق لا إمام لتعلق المصالح الكلية بولايته. وشرط في الموصى فيه كونه تصرفا ماليا مباحا فلا يصح الايصاء في تزويج لأن غير الأب والجد لا يزوج الصغير والصغيرة ولا في معصية كبناء كنيسة لمنافاتها له لكونه قربة. وشرط في الصيغة إيجاب بلفظ يشعر بالايصاء وفي معناه ما مر في الضمان كأوصيت إليك أو فوضت إليك أو جعلتك وصيا، ولو كان الايجاب مؤقتا ومعلقا كأوصيت إليك إلى بلوغ ابني أو قدوم زيد، فإذا بلغ أو قدم فهو الوصي لأنه يحتمل الجهالات والاخطار وقبول كوكالة فيكتفي بالعمل ويكون القبول بعد الموت متى شاء كما في الوصية بمال مع بيان ما يوصي فيه، فلو اقتصر على أوصيت إليك مثلا لغا.
خاتمة: يسن إيصاء بأمر نحو طفل كمجنون، وبقضاء حق إن لم يعجز عنه حالا أو عجز وبه شهود، ولا يصح الايصاء على نحو طفل والجد بصفة الولاية عليه لأن ولايته ثابتة شرعا، ولو أوصى اثنين وقبلا لم ينفرد أحدهما بالتصرف إلا بإذنه له بالانفراد عملا بالاذن. نعم له الانفراد برد الحقوق وتنفيذ وصية معينة وقضاء دين في التركة جنسه وإن لم يأذن له. ولكل من الموصي والوصي رجوع عن الايصاء متى شاء لأنه عقد جائز إلا أن يتعين الوصي أو يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم من قاض أو غيره فليس له الرجوع، وصدق بيمينه ولي وصيا كان أو قيما أو غيره في إنفاق على موليه لائق بالحال لا في دفع المال إليه بعد كماله فلا يصدق بل المصدق موليه إذ لا يعسر إقامة البينة عليه بخلاف الانفاق. ولو قال: أوصيت إلى الله تعالى وإلى زيد حمل ذكر الله على التبرك، ولو خاف الوصي على المال من استيلاء ظالم فله تخليصه بشئ منه: * (والله يعلم المفسد من المصلح) * قال الأذرعي:
ومن هذا لو علم أنه لو لم يبذل شيئا لقاضي سوء لانتزع منه المال وسلمه لبعض خونته وأدى ذلك إلى استئصاله، ويقرب من ذلك قول ابن عبد السلام: يجوز تغييب مال اليتيم أو السفيه أو المجنون لحفظه إذا خيف عليه الغصب كما في قصة الخضر عليه السلام نفعنا الله ببركته في الدنيا والآخرة، آمين.
كتاب النكاح هو لغة: الضم والجمع، ومنه تناكحت الأشجار إذا تمايلت وانضم بعضها إلى بعض. وشرعا عقد يتضمن إباحة وطئ بلفظ إنكاح أو تزويج أو ترجمته. والعرب تستعمله بمعنى العقد والوطئ جميعا، ولأصحابنا في موضوعه الشرعي ثلاثة أوجه أصحها أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطئ كما جاء به القرآن والاخبار، ولا يرد على ذلك قوله تعالى: * (حتى تنكح زوجا غيره) * لأن المراد العقد والوطئ مستفاد من خبر الصحيحين: