تتمة: المساقاة لازمة كالإجارة، فلو هرب العامل أو عجز بمرض أو نحوه قبل الفراغ من العمل وتبرع غيره بالعمل بنفسه أو بماله بقي حق العامل، فإن لم يتبرع غيره ورفع الامر إلى الحاكم اكترى الحاكم عليه من يعمل بعد ثبوت المساقاة وهرب العامل مثلا وتعذر إحضاره من ماله إن كان له مال، وإلا اكترى بمؤجل إن تأتي. نعم إن كانت المساقاة على العين فالذي جزم به صاحب العين اليمنى والنشائي أنه لا يكترى عليه لتمكن المالك من الفسخ، ثم إن تعذر اكتراؤه اقترض عليه من المالك أو غيره ويوفي نصيبه من الثمر. ثم إن تعذر اقتراضه عمل المالك بنفسه أو أنفق بإشهاد بذلك شرط فيه رجوعا بأجرة عمله أو بما أنفقه، ولو مات المساقي في ذمته قبل تمام العمل وخلف تركة عمل وارثه إما منها بأن يكتري عليه لأنه حق واجب على مورثه، أو من ماله أو بنفسه ويسلم له المشروط فلا يجبر على الانفاق من التركة، ولا يلزم المالك تمكينه من العمل بنفسه إلا إذا كان أمينا عارفا بالاعمال، فإن لم تكن تركه فللوارث العمل ولا يلزمه ولو أعطى شخص آخر دابة ليعمل عليها أو يتعهدها وفوائدها بينهما لم يصح العقد لأنه في الأولى يمكنه إيجار الدابة فلا حاجة إلى إيراد عقد عليها فيه غرر، وفي الثانية الفوائد لا تحصل بعمله.
فصل: في الإجارة وهي بكسر الهمزة أشهر من ضمها وفتحها لغة: اسم للأجرة، وشرعا تمليك منفعة بعوض بشروط تأتي. والأصل فيها قبل الاجماع آية: * (فإن أرضعن لكم) * وجه الدلالة أن الارضاع بلا عقد تبرع لا يوجب أجر وإنما يوجبها ظاهرا العقد، فتعين. وخبر مسلم: أنه (ص) نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة والمعنى فيها أن الحاجة داعية إليها إذ ليس لكل أحد مركوب ومسكن وخادم، فجوزت لذلك كما جوز بيع الأعيان. وأركانها أربعة: صيغة وأجرة ومنفعة وعاقدان مكر ومكتر.
وأشار المصنف رحمه الله تعالى إلى أحد الأركان وهو المنفعة بقوله: (وكل ما أمكن الانتفاع به) منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم (مع بقاء عينه) مدة الإجارة (صحت إجارته)