(فإن وجد معه) أي اللقيط (مال) عام كوقف على اللقطاء أو الوصية لهم أو خاص كثياب ملفوفة عليه أو ملبوسة له أو مغطى بها أو تحته مفروشة ودنانير عليه أو تحته ولو منثورة، ودار هو فيها وحده وحصته منها إن كان معه غيره لأن له يدا وحصة واختصاصا كالبالغ. والأصل الحرية ما لم يعرف غيرها (أنفق عليه الحاكم) أو مأذونه (منه) وخرج بما ذكر المال المدفون ولو تحته، أو كان فيه أو مع اللقيط رقعة مكتوب فيها أنه له فلا يكون ملكا له كالمكلف. نعم إن حكم بأن المكان له فهو له مع المكان ولا مال موضوع بقربه كالبعيد عنه بخلاف الموضوع بقرب المكلف لأنه له رعاية (فإن لم يوجد معه مال) ولا عرف له مال (فنفقته) حينئذ (من بيت المال) من سهم المصالح، فإن لم يكن في بيت المال مال أو كان ثم ما هو أهم منه اقترض عليه الحاكم، فإن عسر الاقتراض وجب على موسرينا قرضا - بالقاف - عليه إن كان حرا وإلا فعلى سيده. وللاقطه استقلال بحفظ ماله كحفظه، وإنما يمونه منه بإذن الحاكم لأن ولاية المال لا تثبت لغير أب وجد من الأقارب فالأجنبي أولى، فإن لم يوجد الحاكم أنفق عليه بإشهاد فإن أنفق بدون ذلك ضمن.
تتمة: اللقيط مسلم تبعا للدار وما ألحق بها، وإن استلحقه كافر بلا بينة إن وجود بمحل - ولو بدار كفر - به مسلم يمكن كونه منه ويحكم بإسلام غير لقيط صبي أو مجنون تبعا لاحد أصوله ولو من قبل الام، وتبعا لسابيه المسلم إن لم يكن معه في السبي أحد أصوله لأنه صار تحت ولايته، فإن كفر بعد كماله بالبلوغ أو الإفاقة في التبعيتين الأخيرتين فمرتد لسبق الحكم بإسلامه بخلافه في التبعية الأولى وهي تبعية الدار وما يلحق بها فإنه كافر أصلي لا مرتد لبنائه على ظاهرها، وهذا معنى قولهم تبعية الدار ضعيفة وهو حر. وإن ادعى رقه لاقط أو غيره إلا أن تقام برقه بينة متعرضة لسبب الملك كإرث أو شراء أو يقر به بعد كماله. ولم يكذبه المقر له ولم يسبق إقراره بعد كماله بحريته ولا يقبل إقراره بالرق في تصرف ماض مضر بغيره، فلو لزمه دين فأقر برق وبيده مال قضى منه ولا يجعل للمقر له بالرق إلا ما فضل عن الدين، فإن بقي من الدين شئ اتبع به بعد عتقه. أما التصرف الماضي المضر به فيقبل إقراره بالنسبة إليه ولو كان اللقيط امرأة متزوجة ولو بمن لا يحل له نكاح الأمة وأقرت بالرق لم ينفسخ نكاحها وتسلم لزوجها ليلا ونهارا، ويسافر بها زوجها بغير إذن سيدها وولدها قبل إقرارها حر وبعده رقيق.
فصل: في الوديعة تقال على الايداع وعلى العين المودعة، ومناسبة ذكرها بعد اللقيط ظاهرة.
والأصل فيها قوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * وخبر: أد الأمانة إلى من القول في أركان ائتمنك ولا تخن من خانك. ولان بالناس حاجة بل ضرورة إليها الوديعة وأركانها