كفاية الرقيق بمضي الزمان فلا تصير دينا عليه إلا باقتراض القاضي أو إذنه فيه واقتراض كنفقة القريب بجامع وجوبهما بالكفاية ويبيع القاضي فيها ما له إن امتنع أو غاب لأنه حق واجب عليه.
فإن فقد المال أمره القاضي ببيعه أو إجارته أو إعتاقه دفعا للضرر فإن لم يفعل أجره القاضي فإن لم يتيسر إجارته باعه فإن لم يشتره أحد أنفق عليه من بيت المال. وأما غير الرقيق من البهائم جمع بهيمة سميت بذلك لأنها لا تتكلم وهي كما قاله الأذرعي كل ذات أربع من دواب البر والبحر اه.
وفي معناها: كل حيوان محترم فيجب عليه علفها وسقيها لحرمة الروح. ولخبر الصحيحين: دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض بفتح الخاء وكسرها أي هوامها والمراد بكفاية الدواب وصولها لأول الشبع والري دون غايتهما وخرج بالمحترم غيره كالفواسق الخمس. فلا يلزمه علفها بل يخليها ولا يجوز له حبسها لتموت جوعا لخبر: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة فإن امتنع المالك مما ذكر وله مال أجبره الحاكم في الحيوان المأكول على أحد ثلاثة أمور، بيع له أو نحوه. مما يزول ضرره به. أو علف أو ذبح وأجبر في غيره على أحد أمرين بيع أو علف ويحرم ذبحه للنهي عن ذبح الحيوان إلا لاكله فإن لم يفعل ما أمره الحاكم به ناب عنه في ذلك على ما يراه ويقتضيه الحال فإن لم يكن له مال باع الحاكم الدابة أو جزءا منها أو إكراها عليه فإن تعذر ذلك فعلى بيت المال كفايتها. (ولا يكلفون) أي لا يجوز لمالك الرقيق والبهائم أن يكلفهم.
(من العمل ما لا يطيقون) الدوام عليه لورود النهي عنه في الرقيق في صحيح مسلم وهو للتحريم وقيس عليه البهائم بجامع حصول الضرر. قال في الروضة: لا يجوز للسيد تكليف رقيقه من العمل إلا ما يطيق الدوام عليه. فلا يجوز أن يكلفه عملا يقدر عليه يوما أو يومين ثم يعجز عنه. وقال أيضا: يحرم عليه تكليفه الدابة ما لا تطيقه من ثقيل الحمل أو إدامة السير أو غيرهم وقال في الزوائد يحرم تحميلها ما لا تطيق الدوام عليه يوما أو نحوه كما سبق في الرقيق.
تتمة: لا يحلب المالك من لبن دابته، ما يضر ولدها لأنه غذاؤه كولد الأمة، وإنما يحلب ما فضل عن ري ولدها، وله أن يعدل به إلى لبن غير أمه إن استمرأه، وإلا فهو أحق بلبن أمه ولا يجوز الحلب إذا كان يضر بالبهيمة لقلة علفها ولا ترك الحلب أيضا إذا كان يضرها فإن لم يضرها كره للاضاعة، ويسن أن لا يستقصى الحالب في الحلب بل يدع في الضرع شيئا وأن يقص أظفاره لئلا يؤذيها ويحرم جز الصوف من أصل الظهر ونحوه وكذا حلقه، لما فيهما من تعذيب الحيوان قاله الجويني، ويجب على مالك النحل أن يبقي له شيئا من العسل في الكوارة بقدر حاجته إن لم يكفه غيره. وإلا فلا يجب عليه ذلك قال الرافعي: وقد قيل يشوي له دجاجة ويعلقها بباب الكوارة فيأكل منها، وعلى مالك دود القز علفه بورق توت أو تخليته كله لئلا يهلك بغير فائدة، ويباع فيه ماله كالبهيمة ويجوز تجفيفه بالشمس عند حصول نواله. وإن أهلكه لحصول فائدته، كذبح الحيوان المأكول وخرج بما فيه روح ما لا روح فيه كقناة ودار لا يجب على المالك عمارتهما فإن ذلك تنمية للمال ولا يجب على الانسان ذلك ولا يكره تركها إلا إذا أدى إلى الخراب فيكره له.
فصل: في النفقة والنفقة على قسمين: نفقة تجب للانسان على نفسه. إذا قدر عليها وعليه أن يقدمها على نفقة غيره لقوله (ص): ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ونفقة تجب على الانسان لغيره.