فصل: في الدية وهي في الشرع اسم للمال الواجب بجناية على الحر في نفس أو فيما دونها، وذكرها المصنف عقب القصاص لأنها بدل عنه على الصحيح. والأصل فيها الكتابي والسنة والاجماع قال تعالى: * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) * [/ اي والأحاديث الصحيحة طافحة بذلك والاجماع منعقد على وجوبها في الجملة. القول في أنواع الدية (والدية) الواجبة ابتداء أو بدلا (على ضربين) الأول: (مغلظة) من ثلاثة أوجه أو من وجه واحد. (و) الثاني: (مخففة) من ثلاثة أوجه أو من وجهين.
تنبيه: الدية قد يعرض لها ما يغلظها، وهو أحد أسباب خمسة كون القتل عمدا أو شبه عمد أو في الحرم أو في الأشهر الحرم، أو ذي رحم محرم. وقد يعرض لها ما ينقصها وهو أحد أسباب أربعة:
الأنوثة، والرق، وقتل الجنين، والكفر. فالأول يردها إلى الشطر، والثاني إلى القيمة، والثالث إلى الغرة، والرابع إلى الثلث، أو أقل وكون الثاني أنقص جرى على الغالب، وإلا فقد تزيد القيمة على الدية. القول في الدية المغلظة ثم شرع المصنف في القسم الأول وهي المغلظة فقال: (فالمغلظة مائة من الإبل) في القتل العمد سواء وجب فيه قصاص وعفي على مال أم لا كقتل الوالد ولده. (ثلاثون حقة وثلاثون جذعة) وتقدم بيانهما في الزكاة (وأربعون خلفة) وهي التي (في بطونها أولادها) لخبر الترمذي بذلك والمعنى أن الأربعين حوامل ويثبت حملها بقول أهل الخبرة بالإبل. وذلك في قتل الذكر الحر المسلم المحقون الدم غير جنين انفصل بجناية ميتا والقاتل له لا رق فيه، لأن الله تعالى أوجب في الآية المذكورة دية، وبينها النبي (ص) في كتاب عمرو بن حزم في قوله: في النفس مائة من الإبل رواه النسائي ونقل ابن عبد البر وغيره فيه الاجماع. ولا تختلف الدية بالفضائل والرذائل وإن اختلفت بالأديان والذكورة والأنوثة بخلاف الجناية على الرقيق فإن فيه القيمة المختلفة أما إذا كان غير محقون الدم كتارك الصلاة كسلا والزاني المحصن إذا قتل كلا منهما مسلم فلا دية فيه ولا كفارة، وإن كان القاتل رقيقا لغير المقتول ولو مكاتبا