فأعتق الأب عبدا ومات ثم مات العتيق فقالوا: ميراثه بين الأخ والأخت لأنهما معتقا معتقه وهو غلط، وإنما الميراث للأخ وحده والولاء لاعلى العصبات في الدرجة والقرب، مثاله ابن المعتق مع ابن ابنه فلو مات المعتق عن ابنين أو أخوين فمات أحدهما وخلف ابنا فالولاء لعمه دونه. وإن كان هو الوارث لأبيه فلو مات الآخر وخلف تسعة بنين فالولاء بين العشرة بالسوية ولو أعتق عتيق أبا معتقة فلكل منهما الولاء على الآخر وإن أعتق أجنبي أختين لأبوين أو لأب فاشترتا أباهما فلا ولاء لواحدة منهما على الأخرى. ولو أعتق كافر مسلما وله ابن مسلم وابن كافر ثم مات العتيق بعد موت معتقه فولاؤه للمسلم فقط. ولو أسلم الآخر قبل موته فولاؤه لهما ولو مات في حياة معتقة فميراثه لبيت المال (ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته) لأن الولاء كالنسب فكما لا يصح بيع النسب ولا هبته، فكذلك لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولأنه (ص) نهى عن بيع الولاء وهبته متفق عليه.
تتمة: لو نكح عبد معتقة فأتت بولد فولاؤه لموالي الام لأنه المنعم عليه فإنه عتق بإعتاق أمه فإذا عتق الأب انجر الولاء من موالي الام إلى موالي الأب لأن الولاء فرع النسب والنسب إلى الآباء دون الأمهات وإنما ثبت لموالي الام لعدمه من جهة الأب، فإذا أمكن عاد إلى موضعه. ومعنى الانجرار أن ينقطع من وقت عتق الأب عن موالي الام فإذا انجر إلى موالي الأب فلم يبق منهم أحد لم يرجع إلى موالي الام بل يكون الميراث لبيت المال ولو مات الأب رقيقا وعتق الجد انجر الولاء من موالي الام إلى موالي الجد لأنه كالأب فإن أعتق الجد والأب رقيق انجر الولاء من موالي الام إلى موالي الجد أيضا. فإن أعتق الأب بعد الجد انجر الولاء من موالي الجد إلى موالي الأب لأن الجد إنما جره لكون الأب كان رقيقا فإذا عتق كان أولى بالجر لأنه أقوى من الجد في النسب ولو ملك هذا الولد الذي ولاؤه لموالي أمه أباه جر ولاء إخوته لأبيه من موالي أمهم إليه ولا يجر ولاء نفسه لأنه لا يمكن أن يكون له على نفسه ولاء، ولهذا لو اشترى العبد نفسه أو كاتبه سيده وأخذ النجوم كان الولاء عليه لسيده كما مرت الإشارة إليه.
فصل: في التدبير وهو لغة النظر في عواقب الأمور، وشرعا تعليق عتق بالموت الذي هو دبر الحياة فهو تعليق عتق بصفة لا وصية ولهذا لا يفتقر إلى إعتاق بعد الموت ولفظه مأخوذ من الدبر لأن الموت دبر الحياة وكان معروفا في الجاهلية فأقره الشرع والأصل فيه قبل الاجماع خبر الصحيحين: أن رجلا دبر غلاما ليس له مال غيره فباعه النبي (ص) فتقريره (ص) له وعدم إنكاره يدل على جوازه. (وأركانه ثلاثة) صيغة ومالك ومحل وهو الرقيق وشرط فيه كونه رقيقا غير أم ولد لأنها تستحق العتق بجهة أقوى من التدبير. ويشترط في الصيغة لفظ يشعر به وفي معناه: ما مر في الضمان وهو إما صريح كما يؤخذ من قوله: (ومن قال لعبده إذا مت) أنا (فأنت حر) أعتقتك أو حررتك بعد موتي أو دبرتك أو أنت مدبر وإما كناية وهو ما يحتمل التدبير وغيره كخليت سبيلك أو حسبتك بعد موتي ناويا العتق. (فهو مدبر) وحكمه أنه (يعتق) عليه (بعد وفاته) أي السيد محسوبا (من ثلث ماله) بعد الدين وإن وقع التدبير في الصحة ولو استغرق الدين التركة لم يعتق منه شئ أو نصفها وهي هو فقط بيع نصفه في الدين وعتق ثلث الباقي منه وإن لم يكن دين ولا مال غيره عتق ثلثه.
فائدة: الحيلة في عتق الجميع بعد الموت، وإن لم يكن له مال سواه أن يقول هذا الرقيق حر قبل