لما مر في قطع السرقة ولا بريح خمر وسكر وقئ لاحتمال أن يكون شرب غالطا أو مكرها. والحد يدرأ بالشبهات ولا يستوفيه القاضي بعلمه على الصحيح بناء على أنه لا يقضي بعلمه في حدود الله تعالى.
نعم سيد العبد يستوفيه بعلمه لاصلاح ملكه ولا يشترط في الاقرار والشهادة تفصيل بل يكفي الاطلاق في إقرار من شخص بأنه شرب خمرا وفي شهادة بشرب مسكر. شرب فلان خمرا ولا يحتاج أن يقول: وهو مختار عالم لأن الأصل عدم الاكراه. والغالب من حال الشارب علمه بما يشربه فنزل الاقرار والشهادة عليه ويقبل رجوعه عن الاقرار لأن كل ما ليس من حق آدمي يقبل الرجوع فيه. القول في وقت حد السكران تتمة: لا يحد حال سكره. لأن المقصود منه الردع والزجر والتنكيل، وذلك لا يحصل مع السكر بل يؤخر وجوبا إلى إفاقته ليرتدع فإن حد قبلها ففي الاعتداد به وجهان أصحهما كما قاله البلقيني: الاعتداد به وسوط الحدود أو التعازير بين قضيب، وهو الغصن، وعصا غير معتدلة وبين رطب ويابس بأن يكون معتدل الجرم والرطوبة للاتباع، ولم يصرحوا بوجوب هذا ولا بندبه وقضية كلامهم: الوجوب كما قاله الزركشي ويفرق الضرب على الأعضاء فلا يجمعه في موضع واحد لأنه قد يؤدي إلى الهلاك ويجتنب المقاتل وهي مواضع يسرع القتل إليها بالضرب كقلب وثغرة نحر وفرج ويجتنب الوجه أيضا فلا يضربه لخبر مسلم:
إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه. ولأنه مجمع المحاسن فيعظم أثر شينه، بخلاف الرأس فإنها مغطاة غالبا فلا يخاف تشويهه بالضرب بخلاف الوجه. وروى ابن أبي شيبة عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال للجلاد: اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس. ولا تشد يد المجلود ولا تجرد ثيابه الخفيفة. التي لا تمنع أثر الضرب، أما ما يمنع كالجبة المحشوة فتنزع عنه مراعاة لمقصود الحد. ويوالي الضرب عليه بحيث يحصل زجر وتنكيل فلا يجوز أن يفرق على الأيام والساعات لعدم الايلام المقصود في الحدود وبم يضبط التفريق الجائز وغيره، قال الإمام إن لم يحصل في كل دفعة ألم له وقع، كسوط أو سوطين في كل يوم فهذا ليس بحد وإن آلم أو أثر لما له وقع فإن لم يتخلل زمن يزول فيه الألم الأول كفى، وإن تخلل، لم يكف على الأصح، ويكره إقامة الحدود والتعازير في المسجد كما صرح به الشيخان في أدب القضاء.
فصل: في حد السرقة الواجب بالنص والاجماع. وهي لغة أخذ المال خفية، وشرعا أخذه