وفي مال يبلغ نصاب زكاة نقد عشرين مثقالا ذهبا أو مائتي درهم فضة أو ما قيمته ذلك. والتغليظ يكون بالزمان والمكان كما مر في اللعان وبزيادة أسماء وصفات كأن يقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم الذي يعلم السر والعلانية، وإن كان الحالف يهوديا حلفه القاضي بالله الذي أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق أو نصرانيا حلفه بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، أو مجوسيا أو وثنيا حلفه بالذي خلقه وصوره، ولا يجوز لقاض أن يحلف أحدا بطلاق أو عتق أو نذر كما قاله الماوردي وغيره.
قال الشافعي رضي الله تعالى عنه ومتى بلغ الإمام أن قاضيا يستحلف الناس بطلاق أو عتق أو نذر عزله عن الحكم لأنه جاهل. وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا من أهل العلم يرى الاستحلاف بذلك، ولا يحلف قاض على تركه ظلما في حكمه ولا شاهد أنه لم يكذب في شهادته ولا مدع صبا ولو احتمالا بل يمهله حتى يبلغ إلا كافرا مسبيا أنبت وقال: تعجلت إنبات العانة فيحلف لسقوط القتل. واليمين من الخصم تقطع الخصومة حالا لا الحق فتسمع بينة المدعي بعد حلف الخصم ولو ادعى رق غير صبي ومجنون ومجهول نسب فقال أنا حر أصالة صدق بيمينه لأن الأصل الحرية وعلى المدعي البينة ولو ادعى رق صبي أو مجنون وليسا بيده لم يصدق إلا بحجة أو بيده وجهل لقطهما حلف وحكم له برقهما، لأنه الظاهر من حالهما وإنكارهما بعد كمالهما لغو فلا بد لهما من حجة ولا تسمع دعوى بدين مؤجل، وإن كان به بينة إذ لا يتعلق بها إلزام في الحال فلو كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا صحت الدعوى به لاستحقاق المطالبة ببعضه كما قاله الماوردي.
فصل: في الشهادات جمع شهادة وهي إخبار عن شئ بلفظ خاص. والأصل فيها قبل الاجماع آيات كقوله تعالى: * (ولا تكتموا الشهادة) * وقوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) *.
وأخبار كخبر الصحيحين: ليس لك إلا شاهداك أو يمينه وخبر: أنه (ص) سئل عن الشهادة فقال للسائل: ترى الشمس؟ قال: نعم فقال: على مثلها فاشهد أو دع رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده. وأركانها خمسة شاهد ومشهود له ومشهود عليه ومشهود به وصيغة. ثم شرع في شروط الركن الأول فقال: (ولا تقبل الشهادة) عند الأداء (إلا ممن اجتمعت فيه خمسة) بل عشرة (خصال) كما ستعرفها الأولى (الاسلام) فلا تقبل شهادة الكافر على المسلم. ولا على الكافر خلافا لأبي حنيفة في قبوله شهادة الكافر على الكافر ولاحمد في الوصية لقوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * والكافر ليس بعدل وليس منا ولأنه أفسق الفساق ويكذب على الله تعالى فلا يؤمن من الكذب على خلقه. (و) الثانية والثالثة (البلوغ والعقل) فلا تقبل شهادة صبي لقوله تعالى: * ( من رجالكم) * ولا مجنون بالاجماع. (و) الرابعة (الحرية) ولو بالدار فلا تقبل شهادة رقيق خلافا لأحمد ولو مبعضا أو مكاتبا لأن أداء الشهادة فيه معنى الولاية وهو مسلوب منها. (و) الخامسة (العدالة) فلا تقبل شهادة فاسق لقوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) *