وكيلا في ملازمة المجلس، لم يصح، وينفسخ العقد بمفارقة الموكل، لان التنفيذ منوط بملازمة العاقد. فلو مات العاقد، فهل يقوم وارثه مقامه في القبض ليبقى العقد؟ فيه وجهان حكاهما الامام والغزالي في البسيط بناء على بقاء خيار المجلس. والله أعلم.
الشرط الثالث: أن يكون ما وكل فيه معلوما من بعض الوجوه، بحيث لا يعظم الغرر. وسواء كانت الوكالة عامة أو خاصة. أما العامة ففيها طريقة لإمام الحرمين والغزالي، وطريقة للأصحاب. فأما طريقتهما، فقالا: لو قال: وكلتك في كل قليل وكثير، فباطلة. وإن ذكر الأمور المتعلقة به مفصلة، فقال: وكلتك في بيع أملاكي، وتطليق زوجاتي، وإعتاق عبيدي، صح توكيله. ولو قال: وكلتك في كل أمر هو إلي مما يقبل التوكيل، ولم يفصل أجناس التصرفات، فوجهان. أصحهما:
البطلان. وأما طريقة سائر الأصحاب، فقالوا: لو قال: وكلتك في كل قليل وكثير، أو في كل أموري، أو في جميع حقوقي، أو في كل قليل وكثير أموري، أو فوضت إليك جميع الأشياء، أو أنت وكيلي فتصرف في مالي كيف شئت، لم تصح الوكالة. قالوا: ولو قال: وكلتك في بيع أموالي، أو استيفاء ديوني، أو استرداد ودائعي، أو إعتاق عبيدي، صحت، وهذه الطريقة هي الصحيحة نقلا ومعنى، وقد نص (عليها) الشافعي رضي الله عنه. وأما الوكالة الخاصة، ففيها صور.
إحداها: لو وكله في بيع جميع أمواله، أو قضاء ديونه واستيفائها، صح قطعا. ولا يشترط كون أمواله معلومة على الصحيح. وكلام البغوي، يقتضي اشتراطه. وفي فتاوى القفال: لو قال: وكلتك في استيفاء ديوني على الناس، جاز وإن كان لا يعرف من عليه الدين، وأنه واحد أو جماعة كثيرة، وأي جنس ذلك الدين. أما إذا قال: بع بعض مالي، أو طائفة منه، أو سهما، فلا يصح، لجهالته