الحال الثاني: أن يكون مرهونا عند مرتهن القاتل أيضا. فإن كان العبدان مرهونين بدين واحد، فقد نقصت الوثيقة ولا جابر، كما لو مات أحدهما. وإن كانا مرهونين بدينين، نظر في الدينين، أهما مختلفان حلولا وتأجيلا، أم لا؟ فإن اختلفا، فله التوثق لدين القتيل بالقاتل، لأنه إن كان الحال دين المقتول، ففائدته الاستيفاء من ثمنه في الحال. وإن كان دين القاتل، فتحصل الوثيقة بالمؤجل، ويطالب بالحال. وكذا الحكم، لو كانا مؤجلين، وأحد الأجلين أطول. وإن اتفقا في الحلول والتأجيل، نظر، هل بينهما اختلاف قدر، أم لا؟ فإن لم يكن كعشرة وعشرة، فإن كان العبدان مختلفي القيمة، وقيمة القتيل أكثر، لم تنقل الوثيقة. وإن كانت قيمة القاتل أكثر، نقل منه قدر قيمة القتيل إلى دين القتيل، وبقي الباقي رهنا بما كان. وإن كانا سواء في القيمة، بقي القاتل رهنا بما كان، ولا فائدة في النقل.
وإن اختلف قدر الدينين، نظر، إن تساوت قيمة العبدين، أو كان القتيل أكثر قيمة، فإن كان المرهون بأكثر الدينين هو القتيل، فله توثيقه بالقاتل. وإن كان المرهون بأقلهما هو القتيل، فلا فائدة في النقل. وإن كان القتيل أقلهما قيمة، فإن كان مرهونا بأقل الدينين، فلا فائدة في النقل. وإن كان بأكثرهما، نقل من القاتل قدر قيمة القتيل إلى الدين الآخر. وحيث قلنا: تنقل الوثيقة، فهل يباع ويقام ثمنه مقام القتيل، أم يقام عينه مقامه؟ فيه الوجهان السابقان.
فرع هذا الذي ذكرناه من أقسام اختلاف الدينين، هو المعتبر فقط، كذا قاله الأكثرون. فلو اختلف الدينان في الاستقرار وعدمه، بأن كان أحدهما عوض ما يتوقع رده بالعيب، أو صداقا قبل الدخول، فلا أثر له عند الجمهور. وحكى في الشامل عن أبي إسحاق المروزي أنه إن كان القاتل مرهونا بالمستقر، فلا فائدة في النفل. وإن كان مرهونا بالآخر، فوجهان وكذا قول الغزالي في الوسيط:
اختلاف جنس الدينين، كاختلاف القدر، فهو وإن كان متجها في المعنى، فمخالف لنص الشافعي رضي الله عنه والأصحاب كلهم: لا تأثير لاختلاف الجنس.
قلت: المراد باختلاف الجنس، أن يكون أحدهما دنانير، والآخر دراهم،