والخصم في بدل المرهون، هو الراهن. فلو ترك الخصومة، فهل يخاصم المرتهن؟ قولان. أظهرهما عند الأصحاب: لا، كذا قاله في التهذيب.
قلت: وقطع الامام، والغزالي، بأنه يخاصم. والله أعلم.
وإذا خاصم الراهن، فللمرتهن حضور خصومته، لتعلق حقه بالمأخوذ. ثم إن أقر الجاني، أو أقام الراهن بينة، أو حلف بعد نكول المدعى عليه، ثبتت الجناية. وإن نكل الراهن، فهل يحلف المرتهن؟ قولان، كغرماء المفلس إذا نكل.
فرع إذا ثبتت الجناية، فإن كانت عمدا، فللراهن أن يقبض ويبطل حق المرتهن. وإن عفا عن القصاص، ثبت المال إن قلنا: مطلق العفو يقتضي المال، وإلا، لم يجب، وهو الأصح، كذا قاله في التهذيب. وإن عفا على أن لا مال، فإن قلنا: يوجب العمد أحد الامرين، لم يصح عفوه عن المال، وإن قلنا:
موجبه القود، فإن قلنا العفو المطلق لا يوجب المال، لم يجب شئ، وإن قلنا:
يوجبه، فالأصح: أنه لا يجب أيضا، لان القتل لم يوجبه، وإنما يجب بعفوه، وذلك نوع اكتساب، ولا يجب عليه الاكتساب للمرتهن. وإن لم يقبض ولم يعف، فقيل: يجبر على أحدهما. وقيل: إن قلنا: موجب أحد الامرين، أجبر، وإلا، فلا، لأنه يملك إسقاطه، فتأخيره أولى بأن يملكه.
قلت: ينبغي أن يقال: إن قلنا: إذا عفا على أن لا مال لا يصح، أجبر، وإلا، فلا. والله أعلم.
وإن كانت الجناية خطأ، أو عفا ووجب المال، فعفا عنه، لم يصح عفوه على المشهور لحق المرتهن. وفي قول العفو موقوف، ويؤخذ المال في الحال لحق المرتهن، فإن انفك الرهن، رد إلى الجاني، وبان صحة العفو، وإلا بان بطلانه.
ولو أراد الراهن المصالحة عن الأرش الواجب على جنس آخر، لم يصح إلا بإذن المرتهن. وإذا أذن، صح وكان المأخوذ مرهونا، كذا نقلوه.