معرفتهما؟ وجهان. أصحهما: لا، وهو منصوص، بل لا بد من معرفة عدلين ليرجع إليهما عند تنازعهما. وقيل: تعتبر فيها الاستفاضة، ويجري الوجهان فيما إذا لم يعرف المكيال المذكور إلا عدلان. وما ذكرناه الآن، يخالف ما قدمناه في فصح النصارى من بعض الوجوه. ولعل الفرق، أن الجهالة هناك عائدة إلى الأجل، وهنا إلى المعقود عليه، فجاز أن يحتمل هناك ما لا يحتمل هنا.
فصل في أداء المسلم فيه، والكلام في صفته وزمانه ومكانه أما صفته، فإن أتى بغير جنسه، لم يجز قبوله، إذ لا يجوز الاعتياض عنه. وإن أتى بجنسه وعلى صفته المشروطة، وجب قبوله قطعا، وإن كان أجود، جاز قبوله قطعا، ووجب على الأصح. وإن كان أردأ، جاز قبوله ولم يجب. وإن أتى بنوع آخر، بأن أسلم في التمر المعقلي، فأحضر البرني، أو في ثوب هروي، فأتى بمروي، فأوجه. أصحها: يحرم قبوله. والثاني: يجب. والثالث: يجوز، كما لو اختلفت الصفة، واختلفوا في أن التفاوت بين التركي والهندي، تفاوت جنس، أم تفاوت نوع؟ والصحيح: الثاني. وفي أن التفاوت بين الرطب والتمر، وبين ما سقي بماء السماء وما سقي بغيره، تفاوت نوع، أو صفة؟ والأصح الأول.
فرع ما أسلم فيه كيلا قبضه كيلا. وما أسلم فيه وزنا، قبضه وزنا ولا يجوز العكس.
وإذا كال لا يزلزل المكيال، ولا يضع الكف على جوانبه. ويجب تسليم الحنطة ونحوها نقية من الزوان والمدر والتراب، فإن كان فيها شئ قليل من ذلك، وقد أسلم كيلا، جاز، وإن أسلم وزنا، لم يجز.
قلت: هكذا أطلق جمهور الأصحاب، وقال صاحب الحاوي: فيما إذا أسلم كيلا، إلا أن يكون لاخراج التراب مؤنة، فلا يلزمه قبولها. قال في البيان دقاق التبن كالتراب. والله أعلم.