يكون قريبا منها، بحيث لو التفت رآها (1)، ولا يتقدمها إلى المقبرة، فلو تقدم لم يكره، وهو بالخيار، إن شاء قام منتظرا لها، وإن شاء قعد. والسنة الاسراع بالجنازة، إلا أن يخاف من الاسراع تغير الميت، فيتأنى. والمراد بالاسراع: فوق المشي المعتاد دون الخبب، فإن خيف عليه تغير، أو انفجار، أو انتفاخ، زيد في الاسراع.
قلت: ينبغي أن لا يركب في ذهابه مع الجنازة إلا لعذر (2)، ولا بأس به في الرجوع. وقد تقدم بيانه في الجمعة. قال أصحابنا: وإن كان الميت امرأة، استحب أن يتخذ لها ما يسترها، كالخيمة، والقبة. قالوا: واتباع الجنائز سنة متأكدة في حق الرجال، وأما النساء فلا يتبعن. ثم قيل: الاتباع حرام عليهن، والصحيح أنه مكروه إذا لم يتضمن حراما. قال أصحابنا: ولا يكره للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر (3). قال الشافعي، وأصحابنا رحمهم الله: يكره أن تتبع الجنازة بنار في مجمرة أو غيرها، ونقل ابن المنذر وغيره الاجماع عليه. وقال بعض أصحابنا: لا يجوز ذلك. والمذهب: الكراهة. وكذا يكره أن يكون عند القبر مجمرة. وأما النياحة والصياح وراء الجنازة، فحرام شديد التحريم. ويكره اللغط في المشي معها، والحديث في أمور الدنيا، بل المستحب الفكر في الموت وما بعده، وفناء الدنيا، ونحو ذلك. قال الشافعي وأصحابنا: وإذا مرت به جنازة ولم يرد الذهاب معها، لم يقم لها، بل نص أكثر أصحابنا على كراهة القيام. ونقل المحاملي إجماع الفقهاء عليه، وانفرد صاحب (التتمة) باستحباب القيام للأحاديث الصحيحة فيه، قال الجمهور: الأحاديث منسوخة. وقد أوضحت ذلك في (شرح المهذب) (4). والله أعلم.