نهر، أو طريق، أو حائط المسجد من غير باب نافذ من أحدهما إلى الآخر، فهو كما إذا وقف أحدهما في مسجد، والآخر في ملك. وسيأتي إن شاء الله تعالى. وإن كان في المسجد نهر، فإن حفر النهر بعد المسجد، فهو مسجد فلا يضر، وإن حفر قبل مصيره مسجدا، فهما مسجدان غير متصلين. قال الشيخ أبو محمد: لو كان في جوار المسجد مسجد آخر منفرد بإمام، ومؤذن، وجماعة، فلكل واحد مع الآخر حكم الملك المتصل بالمسجد. وهذا كالضابط الفارق بين المسجد والمسجدين.
فظاهره يقتضي تغاير الحكم، إذا انفرد بالأمور المذكورة، وإن كان باب أحدهما نافذا إلى الآخر.
قلت: الذي صرح به كثيرون، منهم الشيخ أبو حامد، وصاحب (الشامل) و (التتمة)، وغيرهم: أن المساجد التي يفتح بعضها إلى بعض، لها حكم مسجد واحد وهو الصواب. والله أعلم.
وأما رحبة المسجد، فعدها الأكثرون منه، ولم يذكروا فرقا بين أن يكون بينها وبين المسجد طريق أم لا. وقال ابن كج: إن انفصلت، فهي كمسجد آخر.
الحال الثاني: أن يكون في غير مسجد، وهو ضربان:
أحدهما: أن يكون في فضاء (1) فيجوز الاقتداء، بشرط أن لا يزيد ما بينهما على ثلاث مائة ذراع تقريبا (2) على الأصح. وعلى الثاني: تحديد (3). وهذا التقدير (4) مأخوذ من العرف (5) على الصحيح، وقول الجمهور. وعلى الثاني: مما بين الصفين في صلاة الخوف (6). ولو وقف خلف الامام صفان، أو شخصان، أحدهما وراء الآخر، فالمسافة المذكورة تعتبر بين الصف الأخير، أو الصف الأول،