(الافصاح) من يقول بخلق القرآن، أو ينفي شيئا من صفات الله تعالى، كافرا.
وكذا جعل الشيخ أبو حامد، ومتابعوه، والمعتزلة ممن يكفر. والخوارج، لا يكفرون. ويحكى القول بتكفير من يقول بخلق القرآن، عن الشافعي. وأطلق القفال، وكثيرون من الأصحاب، القول بجواز الاقتداء بأهل البدع، وأنهم لا يكفرون. قال صاحب (العدة): وهو ظاهر مذهب الشافعي.
قلت: هذا الذي قاله القفال، وصاحب (العدة) هو الصحيح، أو الصواب. فقد قال الشافعي رحمه الله: أقبل شهادة أهل الأهواء، إلا الخطابية، لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. ولم يزل السلف والخلف على الصلاة خلف المعتزلة، وغيرهم، ومناكحتهم، وموارثتهم، وإجراء أحكام المسلمين عليهم.
وقد تأول الامام الحافظ الفقيه، أبو بكر البيهقي، وغيره من أصحابنا المحققين، ما جاء عن الشافعي وغيره من العلماء، من تكفير القائل بخلق القرآن على كفران النعم، لا كفر الخروج من الملة، وحملهم على هذا التأويل، ما ذكرته من إجراء أحكام المسلمين عليهم. والله أعلم.
وفي الأورع، مع الأفقه والأقرأ وجهان. قال الجمهور: هما مقدمان عليه.
وقال الشيخ أبو محمد، وصاحب (التتمة) و (التهذيب): يقدم عليهما، والأول أصح. ولو اجتمع من لا يقرأ إلا ما يكفي الصلاة ولكنه صاحب فقه كثير، وآخر يحسن القرآن كله وهو قليل الفقه، فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجماهير: أن الأفقه أولى، والثاني: هما سواء. فأما من جمع الفقه والقراءة، فهو مقدم على المنفرد بأحدهما قطعا. والفقه، والقراءة، يقدم كل واحد منهما على النسب، والسن، والهجرة. وعن بعض الأصحاب قول مخرج: أن السن يقدم على الفقه، وهو شاذ. وإذا استويا في الفقه والقراءة، ففيه طرق. قال الشيخ أبو حامد، وجماعة:
لا خلاف في تقديم السن والنسب على الهجرة. فلو تعارض سن ونسب، كشاب قرشي، وشيخ غير قرشي، فالجديد: تقديم الشيخ، والقديم: الشاب. ورجح جماعة هذا القديم، وعكس صاحبا (التتمة) و (التهذيب) فقالا: الهجرة مقدمة على النسب والسن. وفيهما القولان. وقال آخرون، منهم صاحب (المهذب):
الجديد: يقدم السن، ثم النسب، ثم الهجرة، والقديم: يقدم النسب، ثم الهجرة، ثم السن. أما إذا تساويا في جميع الصفات المذكورات، فيقدم بنظافة