قلت: قول أبي إسحاق أصح. ولو أقام الجماعة طائفة يسيرة من أهل البلد، وأظهروها في كل البلد، ولم يحضرها جمهور المقيمين بالبلد، حصلت الجماعة، ولا إثم على المتخلفين. كما إذا صلى على الجنازة طائفة يسيرة. وأما أهل البوادي، فقال إمام الحرمين: عندي فيهم نظر، فيجوز أن يقال: لا يتعرضون لهذا الفرض، ويجوز أن يقال: يتعرضون له إذا كانوا ساكنين. قال: ولا شك أن المسافرين لا يتعرضون لهذا الفرض، وكذا إذا قل عدد ساكني قرية (1). هذا كلام الامام. والمختار أن أهل البوادي الساكنين، كأهل القرية، للحديث الصحيح (2) ما من ثلاثة في قرية، أو بدو، لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان). والله أعلم.
هذا حكم الرجال. وأما النساء، فلا تفرض عليهن الجماعة، لا فرض عين، ولا كفاية. ولكن يستحب لهن. ثم فيه وجهان. أحدهما: كاستحبابها للرجال.
وأصحهما: لا يتأكد في حقهن، كتأكدها في حق الرجال. فلا يكره لهن تركها، ويكره تركها للرجال، مع قولنا: هي لهم سنة. والمستحب أن تقف إمامتهن (3) وسطهن، وجماعتهن في البيوت أفضل. فإن أردن حضور المسجد مع الرجال، كره للشواب، دون العجائز. وإمامة الرجال لهن، أفضل من إمامة النساء، لكن لا