قلت: الأصح: لا يستحب. والله أعلم.
الحال الثاني: أن يسجد للتلاوة في الصلاة، فلا يكبر للافتتاح، لكن يستحب التكبير للهوي إلى السجود، من غير رفع اليدين، فكذا يكبر عند رفع الرأس كما يفعل في سجدات الصلاة. ولنا وجه شاذ: أنه لا يكبر للهوي، ولا للرفع، قاله ابن أبي هريرة. ويستحب أن يقول في سجوده ما قدمناه. وإذا رفع رأسه قام، ولا يجلس للاستراحة. ويستحب أن يقرأ شيئا، ثم يركع. ولا بد من انتصابه قائما، ثم يركع. فإن الهوي من قيام، واجب.
فصل: ينبغي أن يسجد عقب قراءة آية سجدة، أو استماعها. فإن أخر، وقصر الفصل، سجد. وإن طال، فاتت. وهل تقضى؟ قولان. حكاهما صاحب (التقريب) أظهرهما - وبه قطع الصيدلاني، وآخرون: لا تقضى، لأنها لعارض، فأشبهت صلاة الكسوف.
وضبط طول الفصل، يؤخذ مما تقدم في سجود السهو. ولو كان القارئ، أو المستمع، محدثا عند التلاوة فإن تطهر على قرب، سجد. وإلا، فالقضاء على الخلاف. ولو كان يصلي، فقرأ قارئ آية سجدة، فإذا فرغ من صلاته، هل يقضي سجود التلاوة؟ المذهب: أنه لا يقضيه، وبه قطع الشاشي وغيره، واختاره إمام الحرمين، لان قراءة غير إمامه، لا تقتضي سجوده. وإذا لم نجز ما يقتضي السجود أداء، فالقضاء بعيد. وقال صاحب (التقريب): وفيه القولان المتقدمان. وقال صاحب (التهذيب): يحسن أن يقضي ولا يتأكد، كما يجيب المؤذن إذا فرغ من الصلاة.
قلت: إذا قرأ السجدة في الصلاة قبل الفاتحة، سجد، بخلاف ما لو قرأها في الركوع، أو السجود، فإنه لا يسجد. ولو قرأ السجدة، فهوى ليسجد، فشك، هل قرأ الفاتحة؟ فإنه يسجد للتلاوة، ثم يعود إلى القيام، فيقرأ الفاتحة. ولو قرأ خارج الصلاة السجدة بالفارسية، لا يسجد عندنا. وإذا سجد المستمع مع القارئ، لا يرتبط به، ولا ينوي الاقتداء به، وله الرفع من السجود قبله. ولو أراد أن يقرأ آية، أو آيتين فيهما سجدة، ليسجد، فلم أر فيه كلاما لأصحابنا. وفي كراهته خلاف للسلف، أوضحته في كتاب (آداب القرآن) ومقتضى مذهبنا: أنه إن كان