ولو قعد الامام للتشهد الأول، وقام المأموم ناسيا، أو نهضا، فتذكر الامام، فعاد قبل الانتصاب وانتصب المأموم، فثلاثة أوجه. أصحها: يجب على المأموم العود إلى التشهد لمتابعة الامام. فإن لم يعد، بطلت صلاته، صححه الشيخ أبو حامد، ومتابعوه، وقطع به صاحب (التهذيب). والثاني: يحرم العود. والثالث:
يجوز، ولا يجب. ولو قام المأموم قاصدا، فقد قطع إمام الحرمين: بأنه يحرم العود. كما لو ركع قبل الامام، أو رفع رأسه قبله عمدا، يحرم العود. فإن عاد، بطلت صلاته، لأنه زاد ركنا عمدا. فلو فعل ذلك سهوا، بأن سمع صوتا، فظن أن الامام ركع، فركع، فبان أنه لم يركع، فقال إمام الحرمين: في جواز الركوع، وجهان. وقال صاحب (التهذيب) وآخرون: في وجوب الرجوع، وجهان.
أحدهما: يجب. فإن لم يرجع، بطلت صلاته. والأصح: أنه لا يجب، بل يتخير بين الرجوع وعدمه. وللنزاع في صورة قصد القيام، مجال ظاهر، لان أصحابنا العراقيين أطبقوا على أنه لو ركع قبل الامام عمدا، استحب له أن يرجع إلى القيام ليركع مع الامام، فجعلوه مستحبا.
الحال الثاني: أن يتذكر قبل الانتصاب. فقال الشافعي، والأصحاب رحمهم الله: يرجع إلى التشهد. والمراد بالانتصاب، الاعتدال والاستواء، هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور. وفي وجه: المراد به: أن يصير إلى حال هي أرفع من حد أقل الركوع. ثم إذا عاد قبل الانتصاب، هل يسجد للسهو؟ قولان. أظهرهما: لا يسجد. وقال كثير من الأصحاب، منهم القفال: إن صار إلى القيام أقرب منه إلى القعود، ثم عاد، سجد. وإن كان إلى القعود أقرب، أو كانت نسبته إليهما على السواء، لم يسجد، لأنه إذا صار إلى القيام أقرب فقد أتى بفعل يغير نظم الصلاة، (و) لو تعمده في غير موضعه، أبطل الصلاة. وقال الشيخ أبو محمد، وآخرون:
إن عاد قبل أن ينتهي إلى حد الراكعين، لم يسجد. وإن عاد بعد الانتهاء إليه، سجد. والمراد بحد الركوع: أكمله، لا أقله. بل لو قرب في ارتفاعه من حد أكمل الركوع، ولم يبلغه، فهو في حد الراكعين، صرح به في (النهاية). وهذه العبارة، مع عبارة القفال ورفقته، متقاربتان، والأولى أوفى بالغرض، وهي أظهر من إطلاق القولين، وبها قطع في (التهذيب) وهي كالتوسط بين القولين، وحملهما على الحالين. ثم جميع ما ذكرناه في الحالتين، هو فيما إذا ترك التشهد الأول،