ظاهر نص الشافعي رحمه الله في (الام) وغيره، فإن عبارته وعبارتهم: وإن دل على ماء، ولم يخف فوت الوقت، ولا ضررا، لزمه طلبه. هذا نصه ونصهم، وهو صريح، أو كالصريح فيما قلته، وقد تتبعت ذلك وأتقنته. والله أعلم.
المرتبة الثالثة: أن يكون بين المرتبتين، فيزيد على ما ينتشر إليه النازلون، ويقصر عن خروج الوقت. فهل يجب قصده، أم يجوز التيمم؟ نص الشافعي رحمه الله، أنه إن كان على يمين المنزل أو يساره، وجب. وإن كان صوب مقصده، لم يجب، فقيل بظاهر النصين، وقيل: فيهما قولان. والمذهب جواز التيمم وإن علم وصوله إلى الماء في آخر الوقت. وإذا جاز ذلك للسائر إلى جهة الماء، فالنازل الذي عن يمينه أو يساره أولى. والسائر وهو على يمينه أو يساره أولى، هذا في المسافر. أما المقيم، فلا يجوز له التيمم وإن خاف فوت الوقت لو سعى إلى الماء، لأنه لا بد له من القضاء. ثم إذا قلنا في المسافر بالمذهب: وهو جواز التيمم مطلقا، فإن تيقن وجود الماء آخر الوقت، فالأفضل تأخير الصلاة ليؤديها بالوضوء.
وفي (التتمة) وجه شاذ: أن تقديمها بالتيمم أفضل، لفضيلة أول الوقت. وإن لم يتيقن الماء، ولكن رجا، فقولان. أظهرهما: التقديم أفضل. وموضع القولين إذا اقتصر على صلاة واحدة. أما إذا صلى بالتيمم أول الوقت، وبالوضوء مرة أخرى آخره، فهو النهاية في إحراز الفضيلة (1). وإن ظن عدم الماء، أو تساوى احتمال وجوده وعدمه، فالتقديم أفضل قطعا. وربما وقع في كلام بعضهم نقل القولين، فيما إذا لم يظن الوجود. ولا وثوق بهذا النقل.
قلت: قد صرح الشيخ أبو حامد، وصاحب (الحاوي) و (المحاملي) وآخرون بجريان القولين فيما إذا تساوى الاحتمال. والله أعلم.
أما تعجيل المتوضئ وغيره الصلاة في أول الوقت منفردا، وتأخيرها لانتظار