وغير ذلك مما يحتاجون إليه على تعاقب الأحوال والأعوام، صلى الله وسلم عليه وعلى جميع الأنبياء والملائكة وآله كل وأتباعهم الكرام، صلوات متضاعفات دائمات بلا انفصام.
أحمده أبلغ الحمد وأكمله وأعظمه وأتمه وأشمله، وأشهد أن لا إله إلا الله اعتقادا لربوبيته، إذعانا لجلاله وعظمته وصمديته، وأشهد أن محمدا، عبده ورسوله المصطفى من خليقته، والمختار المجتبى من بريته، صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا لديه وكرم.
أما بعد: فإن الاشتغال بالعلم من أفضل القرب وأجل الطاعات، وأهم أنواع الخير وآكد العبادات، وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأوقات، وشمر في إدراكه والتمكن فيه أصحاب الأنفس الزكيات، وبادر إلى الاهتمام به المسارعون إلى المكرمات، وسارع إلى التحلي به مستبقو الخيرات، وقد تظاهر على ما ذكرته جمل ما آيات القرآن الكريمات (1)، والأحاديث الصحيحة النبوية المشهورات (2)، ولا ضرورة إلى الاطناب بذكرها هنا لكونها من الواضحات الجليات.
وأهم أنواع العلم في هذه الأزمان الفروع الفقهيات، لافتقار جميع الناس إليها في جميع الحالات، مع أنها تكاليف محضة فكانت من أهم المهمات. وقد أكثر العلماء من أصحابنا الشافعيين وغيرهم من العلماء من التصنيف في الفروع من المبسوطات والمختصرات (3)، وأودعوا فيها من الاحكام والقواعد والأدلة وغيرها من النفائس الجليلات، ما هو معلوم مشهور عند أهل العنايات. وكانت مصنفات أصحابنا رحمهم الله في نهاية من الكثرة فصارت منتشرات، مع ما هي عليه من الاختلاف في الاختبارات، فصار لا يحقق المذهب من أجل ذلك إلا أفراد من