من خثعم فقالت يا رسول الله: إن أبى شيخ كبير قد (1) أفند وأدركته فريضة الله على عباده في الحج ولا يستطيع أداءها فهل يجزى عنه أن أؤديها عنه؟ فقال: نعم (قال الشافعي) وفى حديث علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان أن عليه أداءها إن قدر وإن لم يقدر (2) أداها عنه فأداؤها إياها عنه يجزيه، والأداء لا يكون إلا لما لزم (قال الشافعي) أخبرنا سعيد بن سالم عن حنظلة بن أبي سفيان قال سمعت طاوسا يقول: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إن أمي ماتت وعليها حجة فقال " حجى عن أمك " أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: لبيك عن فلان فقال: " إن كنت حججت فلب عنه وإلا فاحجج عنك " وروى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه قال لشيخ كبير لم يحجج " إن شئت فجهز رجلا يحج عنك " (قال الشافعي) ولو جهز من هو بهذه الحال رجلا فحج عنه ثم أتت له حال يقدر فيها على المركب للحج ويمكنه أن يحج لم تجز تلك الحجة عنه وكان عليه أن يحج عن نفسه فإن لم يفعل حتى مات أو صار إلى حال لا يقدر فيها على الحج وجب عليه أن يبعث من يحج عنه إذا بلغ تلك الحال أو مات لأنه إنما يجزى عنه حج غيره بعد أن لا يجد السبيل فإذا وجدها وجب عليه الحج وكان ممن فرض عليه ببدنه أن يحج عن نفسه إذا بلغ تلك الحال، وما أوجب على نفسه من حج في نذر وتبرر فهو مثل حجة الاسلام وعمرته، يلزمه أن يحج عن نفسه ويحجه عنه غيره، إذا جاز أن يحج عنه حجة الاسلام وعمرته جاز ذلك فيما أوجب على نفسه.
(باب الخلاف في الحج عن الميت) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: لا أعلم أحدا نسب إلى علم ببلد يعرف أهله بالعلم خالفنا في أن يحج عن المرء إذا مات الحجة الواجبة عنه إلا بعض من أدركنا بالمدينة وأعلام أهل المدينة والأكابر من ماضي فقهائهم تأمر به مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر علي بن أبي طالب وابن عباس به وغير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وابن المسيب وربيعة والذي قال لا يحج أحد عن أحد قاله، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة وجوه سوى ما روى الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير رسول الله، أنه أمر بعض من سأله أن يحج عن غيره ثم ترك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم واحتج له بعض من قال بقوله بأن ابن عمر قال لا يحج أحد عن أحد وهو يروى عن ابن عمر ثلاثة وستين حديثا يخالف ابن عمر فيها منها ما يدعه لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها ما يدعه لما جاء عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنها ما يدعه لقول رجل من التابعين ومنها ما يدعه لرأى نفسه فكيف جاز لاحد نسب نفسه إلى علم أن يحل قول ابن عمر عنده في هذا المحل ثم يجعله حجة على السنة ولا يجعله حجة على قول نفسه؟ وكان من حجة من قال بهذا القول أن قال كيف يجوز أن يعمل رجل عن غيره وليس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اتباعها بفرض الله عز وجل كيف والمسألة في شئ قد ثبتت فيه السنة ما لا يسع عالما والله أعلم، ولو جاز هذا لاحد جاز