الآدميين عليهما المنع ولو خلاهما كان إحراما صحيحا عنهما معا، فإن قال: فكيف قلت ليهريقا الدم في موضعهما قلت: نحر النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية في الحل إذ أحصر، فإن قال: ويشبه هذا المحصر؟ قيل: لا أحسب شيئا أولى أن يقاس عليه من المحصر، وهو في بعض حالاته في أكثر من معنى المحصر، وذلك أن المحصر مانع من الآدميين بخوف من الممنوع فجعل له الخروج من الاحرام وإن كان المانع من الآدميين متعديا بالمنع، فإذا كان لهذه المرأة والمملوك مانع من الآدميين غير متعد كانا مجامعين له في منع بعض الآدميين وفى أكثر منه، من أن الآدمي الذي منعهما، له منعهما (قال الشافعي) في العبد يهل بالحج من غير إذن سيده فأحب إلى أن يدعه سيده وله منعه، وإذا منعه فالعبد كالمحصر لا يجوز فيه إلا قولان والله أعلم، أحدهما أن ليس عليه إلا دم لا يجزيه غيره فيحل إذا كان عبدا غير واجد للدم ومتى عتق ووجد ذبح، ومن قال هذا في العبد قاله في الحر يحصر بالعدو وهو لا يجد شيئا يحلق ويحل ومتى أيسر أدى الدم، والقول الثاني أن تقوم الشاة دراهم والدراهم طعاما، فإن وجد الطعام تصدق به وإلا صام عن كل مد يوما والعبد بكل حال ليس بواجد فيصوم (قال الشافعي) ومن ذهب هذا المذهب قاسه على ما يلزمه من هدى المتعة فإن الله عز وجل يقول " فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فيصام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم " فلو لم يجد هديا ولم يصم لم يمنعه ذلك من أن يحل من عمرته وحجه ويكون عليه بعده الهدى أو الطعام، فيقال إذا كان للمحصر أن يحل بدم يذبحه فلم يجده حل وذبح متى وجد أو جاء بالبدل من الذبح إذا كان له بدل ولا يحبس للهدى حراما على أن يحل في الوقت الذي يؤمر فيه بالاحلال، وقاسه من وجه آخر أيضا على ما يلزمه من جزاء الصيد فإن الله تعالى يقول " يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما " فيقول: إن الله عز وجل لما ذكر الهدى في هذا الموضع وجعل بدله غيره، وجعل في الكفارات أبدالا، ثم ذكر في المخصر الدم ولم يذكر غيره كان شرط الله جل ثناؤه الابدال في غيره مما يلزم ولا يجوز للعالم أن يجعل ما أنزل مما يلزم في النسك مفسرا دليلا على ما أنزل مجملا فيحكم في المجمل حكم المفسر كما قلنا في ذكر رقبة مؤمنة في قتل، مثلها رقبة في الظهار وإن لم يذكر مؤمنة فيه، وكما قلنا في الشهود حين ذكروا عدولا وذكروا في موضع آخر فلم يشترط فيهم العدول: هم عدول في كل موضع على ما شرط الله تعالى في الغير حيث شرطه، فاستدللنا والله أعلم على أن حكم المجمل حكم المفسر إذا كانا في معنى واحد والبدل ليس بزيادة وقد يأتي موضع من حكم الله تعالى لا نقول هذا فيه: هذا ليس بالبين أن لازما أن نقول هذا في دم الاحصار كل البيان وليس بالبين وهو مجمل والله أعلم. (قال الشافعي) في المرأة المعتدة من زوج له عليها الرجعة، تهل بالحج، إن راجعها فله منعها، وإن لم يراجعها منعها حتى تنقضي العدة، فإذا انقضت العدة فهي مالكة لأمرها ويكون لها أن تتم على الحج، وهكذا المالكة لأمرها الثيب تحرم يمنع وليها من حبسها ويقال لوليها: إن شئت فاخرج معها وإلا بعثنا بها مع نساء ثقات، فإن لم تجد نساء ثقة لم يكن لها في سفر أن تخلو برجل ولا امرأة معها، فإن قال قائل: كيف لم تبطل إحرامها إذا أحرمت في العدة؟ قلت إذا كانت تجد السبيل إليه بحال لم أعجل بإبطاله حتى أعلم أن لا تجد السبيل إليه، وإن أهلت في عدت من وفاة أو هي قد أتى على طلاقها لزمها الاهلال ومنعها الخروج حتى تتم عدتها، فإن انقضت خرجت فإن أدركت حجا وإلا حلت بعمل عمرة، فإن قال قائل: فلم لا تجعلها محصرة بمانعها؟ قلت له منعها إلى مدة فإذا بلغتها لم يكن له منعها وبلوغها أيام يأتي عليها ليس منعها بشئ إلى غيرها ولا يجوز لها الخروج حتى
(١٣٠)