أن يدعه بلا قتل ولا يجوز له هذا في المرتد فيحل دمه بما يحل به دم المحارب ولا يحل فيه تركه كما يحل في المحارب لعظم ذنبه بخروجه من دين الله الذي ارتضى.
(الذكاة وما أبيح أكله وما لم يبح) (قال الشافعي) الذكاة وجهان: وجه فيما قدر عليه الذبح والنحر وفيما لم يقدر عليه ما ناله الانسان بسلاح بيده أو رميه بيده فهي عمل يده أو ما أحل الله عز وجل من الجوارح ذوات الأرواح المعلمات التي تأخذ بفعل الانسان كما يصيب السهم بفعله فأما المحفرة فإنها ليست واحدا من ذا كان فيها سلاح يقتل أو لم يكن ولو أن رجلا نصب سيفا أو رمحا ثم اضطر صيدا إليه فأصابه فذكاه لم يحل أكله لأنها ذكاة بغير قتل أحد وكذلك لو مرت شاة أو صيد فاحتكت بسيف فأتى على مذبحها لم يحل أكلها لأنها قاتلة نفسها لا قاتلها غيرها ممن له الذبح والصيد وإذا صاد رجل حيتانا وجرادا فأحب إلى لو سمى الله تعالى ولو ترك ذلك لم نحرمه إذا أحللته ميتا فالتسمية إنما هي من سنة الذكاة فإذا سقطت الذكاة حلت بترك التسمية والذكاة ذكاتان، فأما ما قدر على قتله من أنسى أو وحشى فلا ذكاة إلا في اللبة والحلق وأما ما هرب منه من أنسى أو وحشى فما ناله به من السلاح فهو ذكاته إذا قتله، ومثله البعير وغيره يتردى في البئر فلا يقدر على مذبحه ولا منخره فيضرب بالسكين على أي آرابه قدر عليه ويسمى وتكون تلك ذكاة له (قال) ولو حدد المعراض حتى يمور موران السلاح فلا بأس بأكله.
(الصيد في الصيد) (قال الشافعي) وإذا وجد الحوت في بطن حوت أو طائر أو سبع فلا بأس بأكل الحوت ولو وجد في ميت لم يحرم لأنه مباح ميتا ولو كنت أحرمه لان حكمه حكم ما في بطنها لم يحل ما كان منه في بطن سبع لان السبع لا يؤكل ولا في بطن طائر إلا أن أدرك ذكاته ثم ما كان لي أن أجعل ذكاته بذكاة الطائر لأنه ليس بمخلوق من الطائر إنما تكون ذكاة الجنين في البطن ذكاة أمه لأنه مخلوق منها وحكمه حكمها ما لم يزايلها في الآدميين والدواب فأما ما ازدرده طائر فلو ازدرد عصفورا ما كان حلالا بأن يذكى المزدرد وكان على من وجده أن يطرحه فكذلك ما أصبنا في بطن طائر سوى الجراد والحوت فلا يؤكل لحما كان أو طائرا لأنه شئ من غيره فإنما تقع ذكاته على ما هو منه لا على ما هو من غيره فكذلك الحوت لو ازدرد شاة، أكلنا الحوت وألقينا الشاة لان الشاة غير الحوت.
(إرسال الرجل الجارح) (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا أرسل الرجل الجارح طائرا كان أو دابة على الصيد فمضى ثم صرعه فرأى الصيد أو لم يره فإن كان إنما رجع عن سننه وأخذ طريقا إلى غيرها فهذا طالب غير راجع فإن قتل الصيد أكل، وإذا رجع إلى صاحبه رأى الصيد أو لم يره ثم عاد بعد رجوعه فقتله لم يؤكل من قبل أن الارسال الأول قد انقضى وهذا إحداث طلب بعد إرسال فإن زجره صاحبه برجوعه