البر في الحج وإن لم يجب عليهم من ذلك المعنى، فإن قال قائل ما دل على ما وصفت؟ فقد جاءت الأحاديث في أطفال المسلمين أنهم يدخلون الجنة فالحجة فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) أخبرنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قفل فلما كان بالروحاء لقى ركبا فسلم عليهم فقال من القوم؟ فقالوا مسلمون، فمن القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعت إليه امرأة صبيا لها من محفة فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال: نعم، ولك أجر. أخبرنا مالك عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بعضد صبي كان معها فقالت ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجر (قال الشافعي) أخبرنا سعيد بن سالم عن مالك بن مغول عن أبي السفر قال قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أيها الناس أسمعوني ما تقولون وافهموا ما أقول لكم أيما مملوك حج به أهله فمات قبل أن يعتق فقد قضى حجه وإن عتق قبل أن يموت فليحجج وأيما غلام حج به أهله فمات قبل أن يدرك فقد قضى عنه حجه وإن بلغ فليحجج " أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال وتقضى حجة العبد عنه حتى يعتق فإذا عتق وجبت عليه من غير أن تكون واجبة عليه (قال الشافعي) هذا كما قال عطاء في العبد إن شاء الله ومن لم يبلغ وقد بين معنى قوله ومعنى قول ابن عباس عندنا هكذا وقوله:
فإذا عتق فليحجج يدل على أنها لو أجزأت عنه حجة الاسلام لم يأمره بأن يحج إذا عتق ويدل على أنه لا يراها واجبة عليه في عبوديته وذلك أنه وغيره من أهل الاسلام لا يرون فرض الحج على أحد إلا مرة لان الله عز وجل يقول " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " فذكره مرة، ولم يردد ذكره مرة أخرى (قال الشافعي) أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أرأيت إن حج العبد تطوعا يأذن له سيده بحج لا أجر نفسه ولا حج به أهله يخدمهم؟ قال: سمعنا أنه إذا عتق حج لا بد. أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس أن أباه كان يقول: تقضى حجة الصغير عنه حتى يعقل فإذا عقل وجبت عليه حجة لا بد منها والعبد كذلك أيضا (قالا) وأخبرنا ابن جريج أن قولهم هذا عن ابن عباس (قال الشافعي) وقولهم: إذا عقل الصبي، إذا احتلم والله أعلم. ويروى عن عمر في الصبي والمملوك مثل معنى هذا القول، فيجتمع المملوك وغير البالغين والعبد في هذا المعنى، ويتفرقان فيما أصاب كل واحد منهما في حجه.
(الاذن للعبد) (قال الشافعي) إذا أذن الرجل لعبده بالحج فأحرم فليس له منعه أن يتم على إحرامه وله بيعه وليس لمبتاعه منعه أن يتم إحرامه ولمبتاعه الخيار إذا كان لم يعلم بإحرامه لأنه محول بينه وبين حبسه لمنفعته إلى أن ينقضى إحرامه وكذلك الأمة وكذلك الصبيان إذا أذن لهما أبوهما فأحرما لم يكن له حبسهما (قال) ولو أصاب العبد امرأته فبطل حجه لم يكن لسيده حبسه وذلك لأنه مأمور بأن يمضى في حج فاسد مضيه في حج صحيح ولو أذن له في الحج فأحرم فمنعه مرض لم يكن له حبسه إذا صح عن أن يحل بطواف وإن أذن له في حج فلم يحرم كان له منعه ما لم يحرم (قال) وإن أذن له أن يتمتع أو يقرن فأعطاه دما للمتعة أو القران لم يجز عنه لان العبد لا يملك شيئا فإذا ملكه شيئا فإنما ملكه للسيد فلا