سالم عن ابن جريج قال أخبرني حميد الأعرج عن مجاهد أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر من التلبية " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " قال حتى إذا كان ذات يوم والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها " لبيك إن العيش عيش الآخرة " قال ابن جريج وحسبت أن ذلك يوم عرفة (قال الشافعي) وهذه تلبية كتلبيته التي رويت عنه وأخبر أن العيش عيش الآخرة لا عيش الدنيا ولا ما فيها ولا يضيق على أحد في مثل ما قال ابن عمر ولا غيره من تعظيم الله تعالى ودعائه مع التلبية، غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من التلبية ولا يصل بها شيئا إلا ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ويعظم الله تعالى ويدعوه بعد قطع التلبية، أخبرنا سعيد عن القاسم بن معن عن محمد بن عجلان عن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال سمع سعد بعض بنى أخيه وهو يلبى " باذا المعارج " فقال: سعد المعارج؟ إنه لذو المعارج، وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(باب رفع الصوت بالتلبية) (قال الشافعي) أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك ابن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالاهلال " يريد أحدهما (قال الشافعي) وبما أمر به جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الرجال المحرمين وفيه دلالة على أن أصحابه هم الرجال دون النساء فأمرهم أن يرفعوا جهدهم ما لم يبلغ ذلك أن يقطع أصواتهم (1) فكانا نكره قطع أصواتهم وإذا كان الحديث يدل على أن المأمورين برفع الأصوات بالتلبية الرجال فكان النساء مأمورات بالستر فان لا يسمع صوت المرأة أحد أولى بها وأستر لها، فلا ترفع المرأة صوتها بالتلبية وتسمع نفسها.
(باب أين يستحب لزوم التلبية؟) (قال الشافعي) أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سابط قال كان سلفنا لا يدعون التلبية عند أربع، عند اضطمام الرفاق حتى تنضم وعند إشرافهم على الشئ وهبوطهم من بطون الأودية وعند هبوطهم من الشئ الذي يشرفون منه وعند الصلاة إذا فرغوا منها (قال الشافعي) وما روى ابن سابط عن السلف هو موافق ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن جبريل عليه السلام أمره بأن يأمرهم برفع الصوت بالتلبية وإذا كانت التلبية برا أمر الملبون برفع الصوت به فأولى المواضع أن يرفع الصوت به مجتمع الناس حيث كانوا من مساجد الجماعات والأسواق واضطمام الرفاق، وأين كان اجتماعهم بما يجمع من ذلك