فلما كانت طريقهم لم يكلفوا أن يأتوا يلملم وإنما ميقات يلملم لأهل غور اليمن (1) تهمها ممن هي طريقهم (قال الشافعي) ولا يجوز في الحديث غير ما قلت والله أعلم وذلك أنه لو كان على أهل المدينة أين كانوا فأرادوا الحج أن يهلوا من ذي الحليفة رجعوا من اليمن إلى ذي الحليفة ورجع أهل اليمن من المدينة إن أرادوا منها الحج إلى يلملم، ولكن معناه ما قلت والله أعلم وهو موجود في الحديث معقول فيه ومعقول في الحديث في قوله " ولكل آت أتى عليها " ما وصفت وقوله " ممن أراد حجا أو عمرة " أنهن مواقيت لمن أتى عليهم يريد حجا أو عمرة، فمن أتى عليهن لا يريد حجا ولا عمرة فجاوز الميقات ثم بدا له أن يحج أو يعتمر أهل بالحج من حيث يبدو له وكان ذلك ميقاته كما يكون ميقات أهله الذين انشأوا منه يريدون الحج أو العمرة حين انشأوا منه، وهذا معنى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله " ممن أراد حجا أو عمرة " لان هذا جاوز الميقات لا يريد حجا ولا عمرة ومعنى قوله " ولكل آت أتى عليهن ممن أراد حجا أو عمرة " فهذه إنما أراد الحج أو العمرة بعدما جاوز المواقيت فأراد وهو ممن دون المواقيت المنصوبة وأراده وهو داخل في جملة المواقيت لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ومن كان أهله دون المواقيت فمن حيث ينشئ حتى يأتي ذلك على أهل مكة " فهذا جملة المواقيت، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أهل من الفرع (قال الشافعي) وهذا عندنا والله أعلم أنه مر بميقاته لم يرد حجا ولا عمرة ثم بدا له من الفرع فأهل منه أو جاء الفرع من مكة أو غيرها ثم بدا له الاهلال فأهل منها ولم يرجع إلى ذي الحليفة وهو روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت، فلو أن بعض أهل المدينة أتى الطائف لحاجته عامدا لا يريد حجا ولا عمرة ثم خرج منها كذلك لا يريد حجا ولا عمرة حتى قارب الحرم ثم بدا له ان يهل بالحج أو العمرة أهل من موضعه ذلك ولم يرجع، أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال: إذا مر المكي بميقات أهل مصر فلا يجاوزه إلا محرما، أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال قال طاوس: فإن مر المكي على المواقيت يريد مكة فلا يخلفها حتى يعتمر.
(باب دخول مكة لغير إرادة حج ولا عمرة) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله عز وجل " وإذا جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا " إلى قوله " والركوع السجود " (قال الشافعي) المثابة في كلام العرب الموضع يثوب الناس إليه ويئوبون يعودون إليه بعد الذهاب منه، وقد يقال ثاب إليه اجتمع إليه، فالمثابة تجمع الاجتماع ويئوبون يجتمعون إليه راجعين بعد ذهابهم منه ومبتدئين (2) قال ورقة بن نوفل يذكر البيت.
مثابا لا فناء القبائل كلها * تخب إليه اليعملات الذوامل وقال خداش بن زهير النصري: