الحال التي أمر فيها بالحج عنه وكان كقضاء الدين عنه، فأبان أن العمل عن بدنه في حاله تلك، يجوز أن يعمله عنه غيره فيجزئ عنه ويخالف الصلاة في هذا المعنى. فسواء من حج عنه من ذي قرابة أو غيره، وإذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة تحج عن رجل وهما مجتمعان في الاحرام كله إلا اللبوس، فإنهما يختلفان في بعضه، فالرجل أولى أن يجوز حجه عن الرجل والمرأة من المرأة عن الرجل وكل جائز مع ما روى عن طاوس وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم مما كتبنا مما يستغنى فيه بنص الخبر، ولو أن امرأ لم يجب عليه الحج إلا وهو غير مطيق ببدنه لم يكن على أحد غيره واجبا أن يحج عنه، وأحب إلى أن يحج عنه ذو رحمه، وإن كان ليس عليه أو يستأجر من يحج عن من كان، ولو كان فقيرا لا يقدر على زاد ومركب وإن كان بدنه صحيحا فلم يزل كذلك حتى أيسر قبل الحج بمدة لو خرج فيها لم يدرك الحج ثم مات قبل أن يأتي عليه حج آخر لم يجب عليه حج يقضى، ولو أيسر في وقت لا يمكنه فيه الحج فأقام موسرا إلى أن يأتي عليه أشهر الحج ولم يدن الوقت الذي يخرج فيه أهل بلده لموافاة الحج حتى صار لا يجد زادا ولا مركبا ثم مات قبل حجه ذلك أو قبل حج آخر يوسر فيه، لم يكن عليه حج، إنما يكون عليه حج إذا أتى عليه وقت حج بعد بلوغ ومقدرة، ثم لم يحج حتى يفوته الحج، ولو كان موسرا محبوسا عن الحج، وجب عليه أن يحج عن نفسه غيره، أو يحج عنه بعد موته وهذا مكتوب في غير هذا الموضع.
(باب الإجارة على الحج) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: للرجل أن يستأجر الرجل يحج عنه إذا كان لا يقدر على المركب لضعفه وكان ذا مقدرة بماله ولوارثه بعده، والإجارة على الحج جائزة جوازها على الأعمال سواه، بل الإجارة إن شاء الله تعالى على البر خير منها على مالا بر فيه، ويأخذ من الإجارة ما أعطى وإن كثر كما يأخذها على غيره، لا فرق بين ذلك، ولو استأجر رجل رجلا يحج عنه فقرن عنه كان دم القران على الأجير وكان زاد المحجوج عنه خيرا لأنه قد جاء بحج وزاد معه عمرة ولو استأجر الرجل الرجل يحج عنه أو عن غيره فالإجارة جائزة، والحج عنه من حيث شرط أن يحرم عنه، ولا تجوز الإجارة على أن يقول تحج عنه من بلد كذا حتى يقول تحرم عنه من موضع كذا، لأنه يجوز الاحرام من كل موضع، فإذا لم يقل هذا فالإجارة مجهولة، وإذا وقت له موضعا يحرم منه فأحرم قبله ثم مات فلا إجارة له في شئ من سفره، وتجعل الإجارة له من حين أحرم من الميقات الذي وقت له إلى أن يكمل الحج، فإن أهل من وراء الميقات لم تحسب الإجارة إلا من الميقات، وإن مر بالميقات غير محرم فمات قبل أن يحرم فلا إجارة له لأنه لم يعمل في الحج، وإن مات بعدما أحرم من وراء الميقات حسبت له الإجارة من يوم أحرم من وراء الميقات ولم تحسب له من الميقات إذا لم يحرم منه لأنه ترك العمل فيه، وإن خرج للحج فترك الاحرام والتلبية وعمل عمل الحج أو لم يعمله إذا قال لم أحرم بالحج أو قال اعتمرت ولم أحج أو قال استؤجرت على الحج فاعتمرت فلا شئ له، وكذلك لو حج فأفسده لأنه تارك للإجارة مبطل لحق نفسه ولو استأجره ليحج عنه على أن يحرم من موضع فأحرم منه ثم مات في الطريق فله من الإجارة بقدر ما مضى من سفره أو استأجره على أن يهل من وراء الميقات ففعل فقد قضى بعض ما استأجره عليه، وإذا استأجره فإنما عليه أن يحرم من الميقات، وإحرامه قبل الميقات تطوع، ولو استأجره على