قيل له: ما تقول فيمن قال لله على أن أصوم شهرا من هذه السنة فأمهل حتى إذا كان آخر شهر منها فصامه لا ينوى به النذر؟ قال لا يجزئه قيل: قد وقت السنة ولم يبق منها إلا هذا الشهر فصار إن لم يصمه يخرج من الوقت وقيل له ما تقول: إن ترك الظهر حتى لا يبقى عليه من وقتها إلا ما يكملها فيه ثم صلى أربعا كفرض الصلاة لا ينوى الظهر؟ قال لا يجزئه لأنه لم ينو الظهر قال الشافعي: لا أعلم بين رمضان وبين هذا فرقا وقد اعتل بالوقت فأوجدنا الوقت في المكتوبة محدودا ومحصورا يفوت إن ترك العمل فيه فأوجدناه ذلك في النذر ثم أوجدناه في الوقتين المحصورين كلاهما عملا كعمل المكتوبة وعمل النذر وليس في الوقتين فضل للمكتوبة والنذر لأنه لم يبق للمكتوبة والنذر موضع إلا هذا الوقت الذي عملهما فيه لأنه عملهما في آخر الوقت فزعم أنهما لا يجزيان إذا لم ينو. بهما المكتوبة والنذر، فلو كانت العلة أن الوقت محصور، انبغى أن يزعم ههنا أن المكتوبة والنذر يجزيان إذا كان وقتهما محصورا كما يجزى رمضان إذا كان وقته محصورا.
(باب صوم رمضان) (قال الشافعي) رحمه الله فمن قال: لا يجزى رمضان إلا بنية فلو اشتبهت عليه الشهور وهو أسير فصام شهر رمضان ينوى به التطوع لم يجزه وكان عليه أن يأتي بالبدل منه ومن قال يجزى بغير نية فقد أجزأ عنه غير أن قائل هذا القول قد أخطأ قوله عندي والله أعلم فزعم أن رجلا لو أصبح يرى أنه يوم من شعبان فلم يأكل ولم يشرب ولم ينو الافطار فعلم أنه من رمضان قبل نصف النهار فأمسك عن الطعام أجزأ عنه من شهر رمضان، وهذا يشبه قوله الأول، ثم قال: وإن علم بعد نصف النهار فأمسك ونوى الصيام لم يجزه وكان عليه أن يأتي بيوم مكانه وهذا خلاف قوله الأول (قال الشافعي) وإنما قال ذلك فيما علمت بالرأي وكذلك قال فيه أصحابنا والله أعلم بالرأي فيما علمت، ولكن معهم قياس، فصح فيه لمن خالفه قول أصحابنا والله أعلم وهذا فيما أرى أحسن وأولى أن يقال به إذا كان قياسا.
(باب ما يفطر الصائم والسحور والخلاف فيه) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم حين يتبين الفجر الآخر معترضا في الأفق (قال الشافعي) وكذلك بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تغيب الشمس وكذلك قال الله عز وجل " ثم أتموا الصيام إلى الليل " (قال الشافعي) فإن أكل فيما بين هذين الوقتين أو شرب عامدا للاكل والشرب ذاكرا للصوم فعليه القضاء (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد بن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أفطر في رمضان في يوم ذي غيم ورأي أنه قد أمسى وغابت الشمس فجاءه رجل فقال يا أمير المؤمنين قد طلعت الشمس فقال عمر " الخطيب يسير " (قال الشافعي) كأنه يريد بذلك والله أعلم قضاء يوم مكانه (قال الشافعي) وأستحب التأني بالسحور ما لم يكن في وقت مقارب يخاف أن يكون الفجر طلع فإني أحب قطعه في ذلك الوقت، فإن طلع الفجر وفى فيه شئ قد أدخله ومضغه، لفظه. لان إدخاله فاه لا يصنع شيئا إنما يفطر بإدخاله جوفه، فإن ازدرده بعد الفجر، قضى يوما مكانه، والذي لا يقضى فيه من ذلك