وقتها لان الوقت إنما هو وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ما أحدث بعده وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي امره بإعادة ضحيته بضائنة جذعة فهي تجزى، وإن كان أمره بجذعة غير الضأن فقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " تجزيك ولا تجزى أحدا بعدك " وأما سوى ما ذكرت فلا يعد ضحايا حتى يجتمع السن والوقت وما بعده من أيام " منى " خاصة فإذا مضت أيام " منى " فلا ضحية وما ذبح يومئذ فهي ذبيحة غير الضحية وإنما أمرنا بالضحية في أيام " منى " وزعمنا أنها لا تفوت لأنا حفظنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " هذه أيام نسك ورمى فيها كلها الجمار " ورأينا المسلمين إذ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أيام " منى " نهوا عنها ونهوا عن العمرة فيها من كان حاجا لأنه في بقية من حجه فإن ذهب ذاهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ضحى في يوم النحر فذلك أفضل الأضحى وإن كان يجزى فيما بعده لان النبي صلى الله عليه وسلم قال " هذه أيام نسك " فلما قال المسلمون ما وصفنا لزمه أن يزعم أن اليوم الثالث كاليومين وإنما كرهنا أن يضحى بالليل على نحو ما كرهنا من الحداد بالليل لان الليل سكن والنهار ينتشر فيه لطلب المعاش فأحببنا ان يحضر من يحتاج إلى لحوم الضحايا لان ذلك أجزل عن المتصدق وأشبه أن لا يجد المتصدق في مكارم الأخلاق بدا من أن يتصدق على من حضره للحياء ممن حضره من المساكين وغيرهم مع أن الذي يلي الضحايا يليها بالنهار أخف عليه وأحرى أن لا يصيب نفسه بأذى ولا يفسد من الضحية شيئا وأهل الأمصار في ذلك مثل أهل " منى " فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق، ثم ضحى أحد، فلا ضحية له.
(باب ما تجزى عنه البدنة من العدد في الضحايا) (قال الشافعي) رحمه الله أقول بحديث مالك عن أبي الزبير عن جابر أنهم نحروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة (قال الشافعي) وكانوا محصرين قال الله تبارك وتعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى " (1) فلما قال " فما استيسر من الهدى " شاة فأجزأت البدنة عن سبعة محصورين ومتمتعين وعن سبعة وجبت عليهم من قران أو جزاء صيد أو غير ذلك إذا كانت على كل واحد منهم شاة لان هذا في معنى الشاة ولو أخرج كل واحد منهم حصته من ثمنها أجزأت عنهم وإذا ملكوها بغير بيع أجزأت عنهم (2) وإذا ملكوها بثمن وسواء في ذلك كانوا أهل بيت أو غيرهم لان أهل الحديبية كانوا من قبائل شتى وشعوب متفرقة ولا تجزئ عن أكثر من سبعة وإذا كانوا أقل من سبعة أجزأت عنهم وهم متطوعون بالفضل كما تجزى الجزور عمن لزمته شاة ويكون متطوعا بفضلها عن الشاة وإذا لم توجد البدنة كان عدلها سبعة من الغنم قياسا على هذا الحديث، وكذلك البقرة، وإذا زعم أنه قد سمى الله تعالى عند الذبح فهو أمين وللناس أن يأكلوها وهو أمين على أكثر من هذا الايمان والصلاة (قال الشافعي) وكل ذبح كان واجبا على مسلم فلا أحب له أن