وغرم أحدهم مائة وغرم الآخر ألف وغرم الآخر خمسمائة فسألوا أن يعطوا على العدد لم يكن ذلك لهم وجمع غرم كل واحد منهم فكان غرمهم عشرة آلاف وسهمهم ألفا فيعطى كل واحد منهم عشر غرمه بالغا ما بلغ، فيعطى الذي غرمه مائة عشرة، والذي غرمه ألف مائة، والذي غرمه خمسمائة خمسين فيكونون قد سوى بينهم على قدر غرمهم لا على عددهم ولا يزاد عليه فإن فضل فضل عن أحد من أهل السهمان معهم عيد به عليهم وعلى غيرهم فأعطى كل واحد منهم ما يصيبه لعشر غرمه فإذا لم تكن رقاب ولا مؤلفة ولا غارمون ابتدأ القسم على خمسة أسهم ففضت الثمانية أسهم عليه أخماسا، وهكذا كل صنف منهم لا يوجد، وكل صنف استغنى عيد بفضله على من معه من أهل السهمان، ولا يخرج من الصدقة شئ عن بلده الذي أخذت به، قل ولا كثر، حتى لا يبقى واحد من أهل السهمان إلا أعطى حقه، ولو فقد أهل السهمان كلهم إلا الفقراء والعاملين، قسمت الثمانية عليهم، حتى يوفى الفقراء ما يخرجهم من الفقر، ويعطى العاملون بقدر إجزائهم.
(باب ضيق السهمان عن بعض أهلها دون بعض) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو كانت السهمان ثمانية وأهل السهمان وافرون فجمعنا الفقراء فوجدناهم (1) ووجدنا المساكين مائة يخرجهم من المسكنة ألف والغارمين فوجدناهم ثلاثة يخرجهم من الغرم ألف فسأل الفقراء والمساكين أن يجعل المال كله بينهم فوضى على قدر استحقاقهم منه لم يكن ذلك لهم، وأعطى كل صنف منهم كاملا وقسم بين أهل كل صنف على قدر استحقاقهم فإن أغناهم فذاك وإن لم يغنم لم يعطوا شيئا إلا ما فضل عن غيرهم من أهل السهمان، وإن لم يفضل عن غيرهم شئ لم يزادوا على سهمهم، ولو كانت المسألة بحالها فضاقت السهمان عنهم كلهم فلم يكن منهم صنف يستغنى بسهمه، أو في كل صنف منهم سهمه، لم يزد عليه لأنه ليس في المال فضل يعاد به عليه ولو كان أهل صنف منهم متماسكين لو تركوا ولم يعطوا في علمهم ذلك لما شكوا (2) وأهل كل صنف منهم يخاف هلاكهم لكثرتهم وشدة حاجتهم وضيق سهمهم لم يكن للوالي أن يزيدهم على سهمهم من سهم غيرهم حتى يستغنى غيرهم ثم يرد فضلا إن كان عليهم مع غيرهم ولم يجعلهم أولى بالفضل من غيرهم، وإن كانوا أشد حاجة، كما لا يجعل ما قسم لقوم على قوم بمعنى لغيرهم لشدة حاجة ولا علة، ولكن يوفى كل ما جعل له، وهكذا يصنع بجميع السهمان ولو أجدب أهل البلد وهلكت مواشيهم حتى يخاف تلفهم وأهل بلد آخر مخصبون لا يخاف عليهم لم يجز نقل صدقاتهم عن جيرتهم حتى يستغنوا فلا ينقل شئ جعل لقوم إلى غيرهم أحوج منهم لان الحاجة لا تحق لاحد أن يأخذ مال غيره.