يجزى عنه مالا يكون له مالكا بحال وعليه فيما لزمه الصوم ما كان مملوكا فإن لم يصم حتى عتق ووجد ففيها قولان أحدهما أن يكفر كفارة الحر الواجد والثاني لا يكفر إلا بالصوم لأنه لم يكن له ولا عليه في الوقت الذي أصاب فيه شئ إلا الصوم لو أذن له في الحج فأفسده كان على سيده أن يدعه يتم عليه ولم يكن له على سيده أن يدعه يقضيه فإن قضاه أجزأ عنه من القضاء وعليه إذا عتق حجة الاسلام ولو لم يأذن للعبد سيده بالحج فأحرم به كان أحب إلي أن يدعه يتمه فإن لم يفعل فله حبسه وفيها قولان أحدهما أن عليه إذا حبسه سيده عن إتمام حجه شاة يقومها دراهم ثم يقوم الدراهم طعاما ثم يصوم عن كل مد يوما ثم يحل، والقول الثاني يحل ولا شئ عليه حتى يعتق فيكون عليه شاة ولو أذن السيد لعبده فتمتع فمات العبد، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال إذا أذنت لعبدك فتمتع فمات فاغرم عنه، فإن قال قائل فهل يجوز أن يفرق بين ما يجزى العبد حيا من إعطاء سيده عنه وما يجزيه ميتا؟
فنعم، أما ما أعطاه حيا فلا يكون له إخراجه من ملكه عنه حيا حتى يكون المعطى عنه مالكا له والعبد لا يكون مالكا وهكذا ما أعطى عن الحر بإذنه أو وهبه للحر فأعطاه الحر عن نفسه قد ملك الحر في الحالين ولو أعطى عن حر بعد موته أو عبد لم يكن الموتى يملكون شيئا أبدا، ألا ترى أن من وهب لهم أو أوصى أو تصدق عليهم لم يجز وإنما أجزنا أن يتصدق عنهم بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر سعدا أن يتصدق عن أمه، ولولا ذلك، لما جاز ما وصفت لك.
(باب كيف الاستطاعة إلى الحج) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: الاستطاعة وجهان، أحدهما أن يكون الرجل مستطيعا ببدنه واجدا من ماله ما يبلغه الحج فتكون استطاعته تامة ويكون عليه فرض الحج لا يجزيه ما كان بهذا الحال، إلا أن يؤديه عن نفسه، والاستطاعة الثانية أن يكون مضنوا في بدنه لا يقدر أن يثبت على مركب فيحج على المركب بحال وهو قادر على من يطيعه إذا أمره أن يحج عنه بطاعته له أو قادر على مال يجد من يستأجره ببعضه فيحج عنه فيكون هذا ممن لزمته فريضة الحج كما قدر، ومعروف في لسان العرب أن الاستطاعة تكون بالبدن وبمن يقوم مقام البدن، وذلك أن الرجل يقول: أنا مستطيع لان أبنى داري، يعنى بيده ويعنى بأن يأمر من يبنيها بإجارة أو يتطوع ببنائها له، وكذلك مستطيع لان أخيط ثوبي وغير ذلك مما يعمله هو بنفسه ويعمله له غيره، فإن قال قائل: الحج على البدن وأنت تقول في الأعمال على الأبدان إنما يؤديها عاملها بنفسه مثل الصلاة والصيام فيصلى المرء قائما فإن لم يقدر صلى جالسا أو مضجعا ولا يصلى عنه غيره، وإن لم يقدر على الصوم قضاه إذا قدر أو كفر ولم يصم عنه غيره وأجزأ عنه. قيل له إن شاء الله تعالى الشرائع تجتمع في معنى ونفترق في غيره بما فرق الله به عز وجل بينها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أو بما اجتمعت عليه عوام المسلمين الذين لم يكن فيهم أن يجهلوا أحكام الله تعالى فإن قال: فادللني على ما وصفت من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قيل له: إن شاء الله أخبرنا سفيان قال سمعت الزهري يحدث عن سليمان بن يسار عن ابن عباس أن امرأة من خثعم