لا يقوى جماعة حاج مصرهما عليه أو اللصوص كذلك، أشبه هذا والله أعلم أن يكون من أراد فيه الحج غير مستطيع له، فيكون غير لازم له بأنه غير مستطيع، فإن مات قبل أن يمكنه الحج بتغير هذا، لم يكن عليه حج، وكذلك لو حج أول ما بلغ فأحصر بعدو فنحر وحل دون مكة ورجع فلم يمكنه الحج حتى يموت، لم يكن عليه حج، ولو كان ما وصفت من الحائل في البر، وكان يقدر على الركوب في البحر، فيكون له طريقا، أحببت له ذلك، ولا يبين لي أنه يجب عليه ركوب البحر للحج لان الأغلب من ركوب البحر خوف الهلكة، ولو بلغا مغلوبين على عقولهما فلم يفيقا فتأتي عليهما مدة يعقلان فيها ويمكنهما الحج لم يكن عليهما، وإذا بلغا معا فمنعا الحج بعدو حائل بين أهل ناحيتهما معا وبين الحج، ثم لم يأت عليهما مدة وقت الحج، يقدران هما ولا غيرهما من أهل ناحيتهما فيه على الحج، فلا حج عليهما يقضى عنهما إن ماتا قبل تمكنهما أو أحد من أهل ناحيتهما من الحج، ولو حيل بينهما خاصة بحبس عدو أو سلطان أو غيره وكان غيرهما يقدر على الحج ثم ماتا ولم يحجا كان هذان ممن عليه الاستطاعة بغيرهما ويقضى الحج عنهما، وكذلك لو كان حبس ببلده أو في طريقه بمرض أو زمن لا بعلة غيره وعاش حتى الحج غير صحيح ثم مات قبل أن يصح وجب عليه الحج، وجماع هذا أن يكون البالغان إذا لم يقدرا بأي وجه ما كانت القدرة بأبدانهما وهما قادران بأموالهما وفى ناحيتهما من يقدر على الحج غيرهما ثم ماتا قبل أن يحجا فقد لزمهما الحج، إنما يكون غير لازم لهما إذا لم يقدر أحد من أهل ناحيتهما على الحج ببعض ما وصفت، فإن قال قائل: ما خالف بين هذا وبين المحصر بما ذكرت من عدو وحدث؟ قيل ذلك لا يجد السبيل بنفسه إلى الحج ولا إلى أن يحج عنه غيره من ناحيته، من قبل أن غيره في معناه في خوف العدو والهلكة بالجدب والزمن والمرض، وإن كان معذورا بنفسه فقد يمكنه أن يحج عنه صحيح غيره، ومثل هذا أن يحبسه سلطان عن حج أو لصوص وحده، وغيره يقدر على الحج فيموت، فعليه أن يحج عنه، والشيخ الفاني أقرب من العذر من هذين، وقد وجب عليه أن يحج عنه إذا وجد من يحج عنه (باب الاستطاعة بنفسه وغيره) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالحج عن أبيها دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قول الله " من استطاع إليه سبيلا " على معنيين: أحدهما:
أن يستطيعه بنفسه وماله، والآخر أن يعجز عنه بنفسه بعارض كبر أو سقم أو فطرة خلقة، لا يقدر معها على الثبوت على المركب ويكون من يطيعه إذا أمره بالحج عنه، إما بشئ يعطيه إياه وهو واجد له، وإما بغير شئ، فيجب عليه أن يعطى إذا وجد، أو يأمر إن أطيع، وهذه إحدى الاستطاعتين، وسواء في هذا الرجل يسلم ولا يقدر على الثبوت على المركب أو الصبي يبلغ كذلك أو العبد يعتق كذلك، ويجب عليه ان قدر على الثبوت على المحمل بلا ضرر وكان واجدا له أو لمركب غيره وإن لم يثبت على غيره، أن يركب المحمل أو ما أمكنه الثبوت عليه من المركب، وإن كان واحد من هؤلاء لا يجد مطيعا ولا مالا، فهو ممن لا يستطيع بالبدن ولا بالطاعة فلا حج عليه، وجماع الطاعة التي توجب الحج وتفريعها اثنان، أحدهما أن يأمر فيطاع بلا مال، والآخر أن يجد مالا يستأجر به من يطيعه، فتكون إحدى الطاعتين، ولو تحامل فحج أجزأت عنه ورجوت أن يكون أعظم أجرا ممن