ما لا يلزم من الصوم وقد يجوز أن يكون من قال يصوم المتمتع أيام منى ذهب عليه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها فلا أرى أن يصوم أيام منى وقد كنت أراه وأسأل الله التوفيق (قال الشافعي) ووجدت أيام منى خارجا من الحج يحل به إذا طاف بالبيت النساء فلم يجز أن أقول هذا في الحج وهو خارج منه وإن بقي عليه بعض عمله فإن قال قائل: فهل يحتمل اللسان أن يكون في الحج؟ قيل نعم يحتمله اللسان ما بقي عليه من الحج شئ احتمالا مستكرها باطنا لا ظاهرا، ولو جاز هذا جاز إذا لم يطف الطواف الذي يحل به من حجه النساء شهرا أو شهرين يصومهن على أنه صامهن في الحج (قال) ولو جاز أن يصوم أيام منى جاز فيها يوم النحر لأنه منهى عن صومه وصومها ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومها مرة كنهيه عن صوم يوم النحر مرة ومرارا.
(باب الحال التي يكون المرء فيها معوزا بما لزمه من فدية) (قال الشافعي) إذا حج الرجل وقد وجبت عليه بدنة فليس له أن يخرج منها إذا كان قادرا عليها فإن قدر على الهدى لم يطعم وإن لم يقدر على الهدى أطعم ولا يكون الطعام والهدى إلا بمكة وإن لم يقدر على واحد منهما صام حيث شاء ولو صام في فوره ذلك كان أحب إلي، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في صيام المفتدى ما بلغني في ذلك شئ وإني لأحب أن يصنعه في فوره ذلك، أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال كان مجاهد يقول فدية من صيام أو صدقة أو نسك في حجه ذلك أو عمرته أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن سليمان بن موسى قال في المفتدى بلغني أنه فيما بين أن صنع الذي وجبت عليه فيه الفدية وبين أن يحل إن كان حاجا أن ينحر وإن كان معتمرا بأن يطوف (قال الشافعي) وهذا إن شاء الله هكذا فإن قال قائل ما دل على ما وصفت؟ قيل إن كانت الفدية شيئا وجبت بحج وعمرة فأحب إلى أن يفتدى في الحج والعمرة وذلك أن إصلاح كل عمل فيه كما يكون إصلاح الصلاة فيها وإن كان هذا يفارق الصلاة بأن الفدية غير الحج وإصلاح الصلاة من الصلاة فالاختيار فيه ما وصفت وقد روى أن ابن عباس أمر رجلا يصوم ولا يفتدى وقدر له نفقته فكأنه لولا أنه رأى الصوم يجزيه في سفره لسأله عن يسره ولقال آخر هذا حتى يصير إلى مالك إن كنت موسرا (قال الشافعي) فأنظر إلى حال من وجبت عليه الفدية في حج أو عمرة في ذلك الحج أو العمرة فإن كان واجدا للفدية التي لا يجزيه إذا كان واجدا غيرها جعلتها عليه لا مخرج له منها فإذا جعلتها عليه فلم يفتد حتى أعوز كان دينا عليه حتى يؤديه متى قدر عليه، وأحب إلى أن يصوم احتياطا لا إيجابا ثم إذا وجد أهدى (قال الشافعي) وإذا كان غير قادر تصدق فإن لم يقدر صام فإن صام يوما أو أكثر ثم أيسر في سفره أو بعد فليس عليه أن يهدى وإن فعل فحسن (قال) وإن كان معوزا حين وجبت فلم يتصدق ولم يصم حتى أيسر أهدى ولا بد له لأنه مبتدئ شيئا فلا يبتدئ صدقة ولا صوما وهو يجد هديا (قال) وإن رجع إلى بلده وهو معوز في سفره ولم يفتد حتى أيسر ثم أعوز كان عليه هدى لابد له لأنه لم يخرج من الهدى إلى غيره حتى أيسر فلا بد من هدى وأحب إلى أن يصوم احتياطا لا واجبا وإذا جعلت الهدى دينا فسواء بعث به من بلده أو اشترى له بمكة فنحر عنه لا يجزى عنه حتى يذبح بمكة ويتصدق به وكذلك الطعام، وأما الصوم فيقضيه حيث شاء إذا أخره عن سفره وهكذا كل واجب عليه من أي وجه كان من دم أو طعام لا يجزيه إلا بمكة.