أن لا مال للعبد وإن ما ملك فإنما هو ملك للسيد وكان المسلمون لا يورثون العبد من ولده ولا والده ولا غيرهم شيئا فكان هذا عندنا من أقاويلهم استدلالا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه لا يملك إلا لسيده وكان سيده غير الوارث وكان المسلمون لا يجعلون على سيده الاذن له إلى الحج فكان العبد ممن لا يستطيع إليه سبيلا فدل هذا على أن العبيد خارجون من فرض الحج بخروجهم من استطاعة الحج وخارج من الفرض لو أذن له سيده ولو أذن له سيده وحج لم تجز عنه فإن قال قائل فكيف لا تجزى عنه؟ قلت لأنها لا تلزمه وأنها لا تجزى عمن لم تلزمه قال ومثل ماذا؟ قلت مثل مصلى المكتوبة قبل وقتها وصائم شهر رمضان قبل إهلاله لا يجزئ عن واحد منهما إلا في وقته لأنه عمل على البدن والعمل على البدن لا يجزى إلا في الوقت، والكبير الفاني القادر يلزمه ذلك في نفسه وفى غيره وليس هكذا المملوك ولا غيره البالغ من الأحرار، فلو حجا لم تجز عنهما حجة الاسلام إذا بلغ هذا وعتق هذا وأمكنهما الحج.
(باب تفريع حج الصبي والمملوك) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ليس على الصبي حج حتى يبلغ الغلام الحلم والجارية المحيض في أي سن ما بلغاها أو استكملا خمس عشرة سنة، فإذا بلغا استكمال خمس عشرة سنة، أو بلغا المحيض أو الحلم، وجب عليهما الحج (قال) وحسن أن يحجا صغيرين لا يعقلان ودون البالغين يعقلان يجردان للاحرام ويجتنبان ما يجتنب الكبير فإذا أطاقا عمل شئ أو كانا إذا أمرا به عملاه عن أنفسهما ما كان فإن لم يكونا يطيقانه عمل عنهما وسواء في ذلك الصلاة التي تجب بالطواف أو غيرها من عمل الحج، فإن قال قائل أفتصلي عنهما المكتوبة؟ قيل لا فإن قال فما فرق بين المكتوبة وبين الصلاة التي وجبت بالطواف؟ قيل تلك عمل من عمل الحج وجبت به كوجوب الطواف والوقوف به والرمي وليست بفرض على غير حاج فتؤدى كما يؤدى غيرها فإن قال قائل: فهل من فرق غير هذا؟ قيل نعم، الحائض تحج وتعتمر فتقضى ركعتي الطواف لا بد منهما ولا تقضى المكتوبة التي مرت في أيام حيضها (قال) والحجة في هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للمرء أن يحج عن غيره وفى ذلك أن عمله عنه يجزئ كما أجزأ عمله عن نفسه فمن علم هذا علم أنه مضطر إلى أن يقول لا يبقى من عمل الحج عنه شيئا، فلو جاز أن يبقى من عمل الحج صلاة جاز أن يبقى طواف ورمى ووقوف ولكنه يأتي بالكمال عمن عمل عنه كما كان على المعمول عنه أن يأتي بالكمال عن نفسه (قال) ولا أعلم أحدا ممن سمعت منه في هذا شيئا خالف فيه ما وصفت. وقد حكى لي عن قائل أنه قال يعمل عنه غير الصلاة، وأصل قول القائل هذا أنه لا يحج أحد عن أحد إلا في بعض الأحوال دون بعض فكيف جاز أن يأمر بالحج في حال لم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فيه ويتركها حيث أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وكيف إذا ترك أصل قوله في حال يحج المرء فيها عن غيره أو يعمل فيها شيئا من عمل الحج عن غيره لم يجعل الصلاة التي تجب بالحج مما أمر بعمله في الحج غير الصلاة؟ فان قال قائل فما الحجة أن للصبي حجا ولم يكتب عليه فرضه قيل: إن الله بفضل نعمته أناب الناس على الأعمال أضعافها ومن على المؤمنين بأن ألحق بهم ذرياتهم ووفر عليهم أعمالهم فقال " ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ " فلما من على الذراري بإدخالهم جنته بلا عمل كان أن من عليهم بأن يكتب لهم عمل