بعضهم ذلك في الصلاة إذا دخل وقتها الأول فتركها (1) فإن صلاها في الوقت، وفيما نذر من صوم، أو وجب عليه بكفارة أو قضاء، فقال فيه كله، متى أمكنه فأخره فهو عاص بتأخيره ثم قال في المرأة يجبر أبوها وزوجها على تركها لهذا المعنى وقاله معه غيره ممن يفتى ولا أعرف فيه حجة إلا ما وصفت من مذهب بعض أهل الكلام (قال الشافعي) وقال لي نفر منهم: نسألك من أين قلت في الحج للمرء أن يؤخره وقد أمكنه؟ فإن جاز ذلك جاز لك ما قلت في المرأة؟ قلت: استدلالا مع كتاب الله عز وجل بالحجة اللازمة، قالوا فاذكرها، قلت: نعم نزلت فريضة الحج بعد الهجرة وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الحاج وتخلف هو عن الحج بالمدينة بعد منصرفه من تبوك لا محاربا ولا مشغولا، وتخلف أكثر المسلمين قادرين على الحج وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا كما تقولون لم يتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرض عليه لأنه لم يصل إلى الحج بعد فرض الحج إلا في حجة الاسلام التي يقال لها حجة الوداع، ولم يدع مسلما يتخلف عن فرض الله تعالى عليه وهو قادر عليه ومعهم ألوف كلهم قادر عليه لم يحج بعد فريضة الحج وصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم في وقتين وقال " ما بين هذين وقت " وقد أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعتمة حتى نام الصبيان والنساء، ولو كان كما تصفون صلاها حين غاب الشفق وقالت عائشة رضى الله تعالى عنها: إن كان ليكون على الصوم من شهر رمضان فما أقدر على أن أقضيه حتى شعبان وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يحل لا مرأة أن تصوم يوما زوجها شاهد إلا بإذنه " (قال الشافعي) فقال لي بعضهم: فصف لي وقت الحج، فقلت الحج ما بين أن يجب على من وجب عليه إلى أن يموت أو يقضيه، فإذا مات علمنا أن وقته قد ذهب، قال: ما الدلالة على ذلك؟ قلت ما وصفت من تأخير النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وكثير ممن معه وقد أمكنهم الحج، قال: فمتى يكون فائتا؟ قلت إذا مات قبل أن يؤديها أو بلغ مالا يقدر على أدائه من الافناد، قال فهل يقضى عنه؟ قلت: نعم. قال:
أفتوجدني مثل هذا؟ قلت: نعم. يكون عليه الصوم في كل ما عدا شهر رمضان، فإذا مات قبل أن يؤديه وقد أمكنه، كفر عنه، لأنه كان قد أمكنه فتركه، وإن مات قبل ان يمكنه لم يكفر عنه لأنه لم يمكنه أن يدركه قال أفرأيت الصلاة؟ قلت: موافقة لهذا في معنى، مخالفة له في آخر قال: وما المعنى الذي توافقه؟ فيه قلت إن للصلاة وقتين أول وآخر، فإن أخرها عن الوقت الأول كان غير مفرط حتى يخرج الوقت الآخر، فإذا خرج الوقت قبل أن يصلى كان آثما بتركه ذلك وقد أمكنه، غير أنه لا يصلى أحد عن أحد قال: وكيف خالفت بينهما؟ قلت: بما خالف الله ثم رسوله بينهما، ألا ترى أن الحائض تقضى صوما ولا تقضى صلاة ولا تصلى وتحج وأن من أفسد صلاته بجماع أعاد بلا كفارة في شئ منها، وأن من أفسد صومه بجماع كفر وأعاد وأن من أفسد حجه بجماع كفر غير كفارة الصيام وأعاد؟
قال: قد أرى افتراقهما فدع ذكره (قال الشافعي) فإن قال قائل فكيف لم تقل في المرأة تهل بالحج فيمنعها وليها أنه لا حج عليها ولا دم إذ لم يكن لها ذلك، وتقول ذلك في المملوك؟ قلت إنما أقول لا حج عليها ولا دم على من كان لا يجوز له بحال أن يكون محرما في الوقت الذي يحرم فيه والاحرام لهذين جائز (2) بأحوال أو حال ليسا ممنوعين منه بالوقت الذي أحرما فيه إنما كانا ممنوعين منه بأن لبعض