أهلها لم يأخذوها منهم ثانية فإن ارتابوا بأحد وخافوا دعواه الباطل في قسمها فلا بأس أن يحلفوه بالله لقد قسمها كاملة في أهلها، وإن أعطوهم زكاة التجارات أجزأهم ذلك إن شاء الله تعالى، وإن قسموها دونهم فلا بأس، وهكذا زكاة الفطر والركاز.
(باب تدارك الصدقتين) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: لا ينبغي للوالي أن يؤخر الصدقة عن محلها عاما واحدا، فإن أخرها لم ينبغ لرب المال أن يؤخر، فإن فعلا معا قسماها معا في ساعة يمكنهما قسمها لا يؤخرانها بحال، فإن كان قوم في العام الماضي من أهلها وهم العام من أهلها وكان بقوم حاجة في عامهم هذا وكانوا من أهلها ولم يكونوا في العام الماضي أعطى الذين كانوا في العام الماضي من أهلها صدقة العام الماضي، فإن استغنوا به، لم يعطوا منه في هذا العام شيئا وكذلك لو أخذت الصدقة ورجل من أهلها فلم تقسم حتى أيسر، لم يعط منها شيئا، ولا يعطى منها حتى يكون من أهلها يوم تقسم، وإن لم يستغنوا بصدقة العام الماضي كانوا شركاء في صدقة عامهم هذا مع الذين استحقوا في عامهم هذا بأن يكونوا من أهلها ولا يدفعهم عن الصدقة العام وهم من أهلها بأن يكونوا استوجبوها في العام الماضي قبله على قوم لم يكونوا من أهلها، وإنما يستحقها في العامين معا الفقراء والمساكين والغارمون والرقاب، فأما من سواهم من أهل السهمان فلا يؤتى لعام أول، وذلك أن العاملين إنما يعطون على العمل فهم لم يعملوا عام أول، وأن ابن السبيل والغزاة إنما يعطون على الشخوص وهم لم يشخصوا عام أول أو شخصوا فاستغنوا عنها وأن المؤلفة قلوبهم لا يعطون إلا بالتأليف في قومهم للعون على أخذها وهي في عام أول لم تؤخذ فيعينون عليها.
(باب جبران الصدقة) (قال الشافعي) رحمه الله: كانت العرب أهل الصدقات وكانت تجاور بالقرابة (1) ليمتنع بعضها على بعض لمن أرادها، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ الصدقة من أغنيائهم وترد على فقرائهم كان بينا في أمره أنها ترد على الفقراء الجيران للمأخوذة منه الصدقة، وكانت الاخبار بذلك متظاهرة على رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصدقات أن أحدهم يأخذها من أهل هذا البيت ويدفعها إلى أهل هذا البيت بجنبهم إذا كانوا من أهلها وكذلك قضى معاذ بن جبل حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه " أيما رجل انتقل عن مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فصدقته وعشره إلى مخلاف عشيرته " يعنى إلى جار المال الذي تؤخذ منه الصدقة دون جار رب المال فبهذا نقول إذا كان للرجل مال ببلد وكان ساكنا ببلد غيره قسطت صدقته على أهل البلد الذي به ماله الذي فيه الصدقة