يأكل العضو الذي أبان لان الضربة الأولى صارت غير ذكاة وكانت الذكاة في الذبح ولا يقع إلا على البدن وما ثبت فيه منه ولم يزايله كان بمنزلة الميتة ألا ترى أنه لو ضرب منه عضوا ثم أدرك ذكاته فتركها لم يأكل منه شيئا لان الذكاة قد أمكنته فصارت الضربة الأولى غير الذكاة؟
(باب فيه مسائل مما سبق) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وكل ما كان مأكولا من طائر أو دابة فأن يذبح أحب إلي وذلك سنته ودلالة الكتاب فيه والبقر داخلة في ذلك لقوله عز وجل " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " وحكايته فقال " فذبحوها وما كادوا يفعلون " إلا الإبل فقط فإنها تنحر لان رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بدنه، فموضع النحر في الاختيار في السنة في اللبة، وموضع الذبح في الاختيار في السنة أسفل من اللحيين والذكاة في جميع ما ينحر ويذبح ما بين اللبة والحلق فأين ذبح من ذلك أجزأه فيه ما يجزيه إذا وضع الذبح في موضعه وإن نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر كرهته له ولم أحرمه عليه وذلك أن النحر والذبح ذكاة كله غير أنى أحب أن يضع كل شئ من ذلك موضعه لا يعدوه إلى غيره قال ابن عباس " الذكاة في اللبة والحلق لمن قدر " وروى مثل ذلك عن عمر بن الخطاب وزاد عمر ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق (قال الشافعي) والذكاة ذكاتان فما قدر على ذكاته مما يحل أكله فذكاته في اللبة والحلق لا يحل بغيرهما أنسيا كان أو وحشيا وما لم يقدر عليه فذكاته أن ينال بالسلاح حيث قدر عليه أنسيا كان أو وحشيا فإن تردى بعير في نهر أو بئر فلم يقدر على منحره ولا مذبحه حيث يذكى فطعن فيه بسكين أو شئ تجوز الذكاة به فأنهر الدم منه ثم مات أكل وهكذا ذكاة ما لا يقدر عليه، قد تردى بعير في بئر فطعن في شاكلته فسئل عنه ابن عمر فأمر بأكله وأخذ منه عشيرا بدرهمين، وسئل ابن المسيب عن المتردى ينال بشئ من السلاح فلا يقدر على مذبحه فقال: حيثما نلت منه بالسلاح فكله، وهذا قول أكثر المفتين (قال الشافعي) وأحب في الذبيحة أن توجه إلى القبلة إذا أمكن ذلك وإن لم يفعل الذابح فقد ترك ما أستحبه له ولا يحرمها ذلك (قال الشافعي) نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النخع وأن تعجل الأنفس أن تزهق والنخع أن يذبح الشاة ثم يكسر قفاها من موضع الذبح لنخعه ولمكان الكسر فيه أو تضرب ليعجل قطع حركتها فأكره هذا وأن يسلخها أو يقطع شيئا منها ونفسها تضطرب أو يمسها بضرب أو غيره حتى تبرد ولا يبقى فيها حركة فإن فعل شيئا مما كرهت له بعد الاتيان على الذكاة كان مسيئا ولم يحرمها ذلك لأنها ذكية (قال الشافعي) ولو ذبح رجل ذبيحة فسبقته يده فأبان رأسها، أكلها وذلك أنه أتى بالذكاة قبل قطع الرأس ولو ذبحها من قفاها أو أحد صفحتي عنقها ثم لم يعلم متى ماتت لم يأكلها حتى يعلم فإن علم أنها حييت بعد قطع القفا أو أحد صفحتي العنق حتى وصل بالمدية إلى الحلقوم والمرئ فقطعهما وهي حية أكل وكان مسيئا بالجرح الأول كما لو جرحها ثم ذكاها كان مسيئا وكانت حلالا ولا يضره بعد قطع الحلقوم والمرئ معا، أقطع ما بقي من رأسها أو لم يقطعه، إنما أنظر إلى الحلقوم والمرئ فإذا وصل إلى قطعهما وفيها الحياة كانت ذكية وإذا لم يصل إلى ذلك وفيها الحياة كانت ميتة وإذا غاب ذلك عنى وقد ابتدأ من غير جهتها جعلت الحكم على الذي ابتدأ منه إذا لم أستيقن بحياة بعد (قال الشافعي) والتسمية على الذبيحة باسم الله فإذا زاد على ذلك شيئا من ذكر الله عز وجل فالزيادة خير ولا أكره مع تسميته على الذبيحة أن يقول صلى الله على