وكمال العمرة الطواف بالبيت وبالصفا والمروة والحلاق وأمرهم من فاته الحج أن يحل بطواف وسعى وحلاق ويقضى يدلان معا على أنه لا يجوز أن يهل بالحج في غير أشهر الحج لان من فاته الحج قد يقدر أن يقيم حراما إلى قابل ولا أراهم أمروه بالخروج من إحرامه بالطواف ولا يقيم حراما (1) لأنه لا يجوز له أن يقيم محرما بحج في غير أشهر الحج ويدل على أنه إذا خرج من حجه يعمل عمرة فليس أن حجه صار عمرة ولا يصير عمرة وقد ابتدأ حجا في وقت يجوز فيه الاهلال بالحج ولو جاز أن ينفسخ الحج عمرة جاز أن يكون من ابتدأ فأهل بحجتين مهلا بحج وعمرة لأنه يصلح أن يبتدأ حج وعمرة ولم يجز لمن قال يصير حجه عمرة إلا ما وصفت من أنه إذا ابتدأ فأهل بحجتين فهو مهل بحج وعمرة، فأما من أهل بحج ثم أدخل عليه بعد إهلاله به حجا فبين في كل حال أن لا يكون مدخلا حجا على حج ولا تكون عمرة مع حج، كما لو ابتدأ فأدخل عمرة على حج لم تدخل عليه، ولو جاز ان يصرف الحج عمرة جاز أن تصرف العمرة حجا فيكون من أهل بعمرتين في أشهر الحج مهلا بحج وعمرة، وصرفنا إحرامه إلى الذي يجوز له، ولا يجوز شئ من هذا غير القول الأول من أن من أهل بحجتين فهو مهل بحج ومن أهل بعمرتين فهو مهل بعمرة ولا شئ عليه غير ذلك.
(باب الخلاف فيمن أهل بحجتين أو عمرتين) (قال الشافعي) رحمه الله وخلافنا رجلان من الناس، فقال أحدهما: من أهل بحجتين لزمتاه فإذا أخذ (1) في عملهما فهو رافض للآخر، وقال الآخر: هو رافض للآخر حين ابتدأ الاهلال وأحسبهما قالا: وعليه في الرفض دم وعليه القضاء (قال الشافعي) قد حكى لي عنهما معا أنهما قالا: من أجمع صيام يومين فصام أحدهما فليس عليه الآخر لأنه لا يجوز أن يدخل في الآخر إلا بعد الخروج من الأول، وهكذا من فاتته صلوات فكبر ينوى صلاتين لم يكن إلا صلاة واحدة، ولم يلزمه صلاتان معا، لأنه لا يدخل في الآخر إلا من بعد الخروج من الأولى (قال) وكذلك لو نوى صلاتين تطوعا مما يفصل بينهما بسلام، فإذا كان هذا هكذا في الصوم والصلاة فكيف لم يكن عندهما هكذا في الحج؟
مع أنه يلزمهما أن يدعا قولهما في الحج، إن زعما أن الحج يصير عمرة إذا فاتت عرفة أشبه أن يلزمهما إذا كان الاحرام بحجتين لازما أن يقولا هو حج وعمرة قالا يقضى أحدهما أو لم يقولاه (قال الشافعي) وبهذا قلنا لا يقرن بين عملين إلا بحج وعمرة يدخل الحج على العمرة ولا يدخل العمرة على الحج إذا بدأ بالحج لان الأصل أن لا نجمع بين عملين، فلما جمع بينهما في حال سلم للخبر في الجمع بينهما، ولم يجمع بينهما إلا على ما جاء فيه الخبر لا يخالفه ولا يقيس عليه.