جميع أهل السهمان، وإذا كان فيهم غارمون لا أموال لهم عليهم ديون فأعطوا مبلغ غرمهم أو أقل منه فقالوا: نحن فقراء غارمون فقد أعطينا بالغرم وأنتم ترونا أهل فقر، قيل: لهم إنما نعطيكم بأحد المعنيين ولو كان هذا على الابتداء فقال: أنا فقير غارم، قيل له: أختر بأي المعنيين شئت أعطيناك، فإن شئت بمعنى الفقر، وإن شئت بمعنى الغرم. فأيهما اختار وهو أكثر له أعطيناه، وإن اختار الذي هو أقل لعطائه أعطياه وأيهما قال هو الأكثر أعطيناه به ولم نعطه بالآخر، فإذا أعطيناه باسم الفقر فلغرمائه أن يأخذوا مما في يده حقوقهم كما لهم أن يأخذوا مالا لو كان له، وكذلك إن أعطيناه بمعنى الغرم، فإذا أعطيناه بمعنى الغرم أحببت أن يتولى دفعه عنه فإن لم يفعل فأعطاه جاز كما يجوز في المكاتب أن يعطى من سهمه، فإن قال: ولم لا أعطى بمعنيين إذا كنت من أهلهما معا؟ قيل الفقير المسكين والمسكين فقير بحال يجمعهما اسم ويفترق بهما اسم وقد فرق الله تعالى بينهما (1) فلا يجوز أن يعطى ذلك المسكين فيعطى الفقير بالمسكنة مع الفقر والمسكين بالفقر والمسكنة، ولا يجوز أن يعطى أحدهما إلا بأحد المعنيين، وكذلك لا يجوز أن يعطى رجل ذو سهم إلا بأحد المعنيين، ولو جاز هذا، جاز أن يعطى رجل بفقر وغرم وبأنه ابن سبيل، وغاز ومؤلف وعامل، فيعطى بهذه المعاني كلها، فإن قال قائل: فهل من دلاله تدل على أن اسم الفقر يلزم المسكين؟ والمسكنة تلزم الفقير؟ قيل: نعم. معنى الفقر معنى المسكنة، ومعنى المسكنة معنى الفقر، فإذا جمعا معا، لم يجز إلا بأن يفرق بين حاليهما بأن يكون الفقير الذي بدئ به أشدهما، وكذلك هو في اللسان، والعرب تقول للرجل فقير مسكين ومسكين فقير، وإنما (2) المسكنة والفقر لا يكونان بحرفة ولا مال.
(قسم الصدقات الثاني) أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال: فرض الله عز وجل على أهل دينه المسلمين في أموالهم حقا لغيرهم من أهل دينه المسلمين المحتاجين إليه لا يسع أهل الأموال حبسه عمن أمروا بدفعه إليه من أهله أو ولاته، ولا يسع الولاة تركه لأهل الأموال لأنهم أمناء على أخذه لأهله منهم، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ". ففي هذه الآية دلالة على ما وصفت من أن ليس لأهل الأموال منع ما جعل الله عز وجل عليهم ولا لمن وليهم ترك ذلك لهم، ولا عليهم (أخبرنا) إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال: لم يبلغنا أن أبا بكر وعمر أخذا الصدقة مثناة ولكن كانا يبعثان عليها في الخصب والجدب والسمن والعجف ولا يضمنانها أهلها ولا يؤخرانها عن كل عام، لان أخذها في كل عام سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولم نعلم رسول الله صلى الله