المؤلفة فإما زاده ليرغبه فيما يصنع وإما أعطاه ليتألف به غيره من قومه ممن لا يثق منه بمثل ما يثق به من عدى بن حاتم فأرى أن يعطى من سهم المؤلفة قلوبهم في مثل هذا المعنى إن نزلت بالمسلمين نازلة ولن ينزل إن شاء الله تعالى وذلك أن يكون فيها العدو بموضع (1) شاط لا تناله الجيوش إلا بمؤنة ويكون العدو بإزاء قوم من أهل الصدقات فأعان عليهم أهل الصدقات إما بنية فأرى أن يقوم بسهم سبيل الله من الصدقات، وإما أن يكون لا يقاتلون إلا بأن يعطوا سهم المؤلفة أو ما يكفيهم منه وكذلك إن كان العرب أشرافا ممتنعين (2) غير ذي نية إن أعطوا من صدقاتهم هذين السهمين أو أحدهما إذا كانوا إن أعطوا أعانوا على المشركين فيما أعانوا على الصدقة وإن لم يعطوا لم يوثق بمعونتهم رأيت أن يعطوا بهذا المعنى إذا انتاط العدو وكانوا أقوى عليه من قوم من أهل الفئ يوجهون إليه تبعد دراهم وتثقل مؤنتهم ويضعفون عنه، فإن لم يكن مثل ما وصفت مما كان في زمان أبى بكر مع امتناع أكثر العرب بالصدقة على الردة وغيرها لم أر أن يعطى أحد منهم من سهم المؤلفة قلوبهم، ورأيت أن يرد سهمهم على السهمان معه، وذلك أنه لم يبلغني أن عمر ولا عثمان ولا عليا أعطوا أحدا تألفا على الاسلام وقد أعز الله وله الحمد الاسلام عن أن يتألف الرجال عليه، وقوله وفى الرقاب يعنى المكاتبين والله أعلم، ولا يشترى عبد فيعتق. والغارمون كل من عليه دين كان له عرض يحتمل دينه أو لا يحتمله وإنما يعطى الغارمون إذا ادانوا في حمل دية أو أصابتهم جائحة أو كان دينهم في غير فسق ولا سرف ولا معصية، فأما من ادان في معصية فلا أرى أن يعطى من سهم سبيل الله كما وصفت يعطى منه من أراد الغزو، فلو امتنع قوم كما وصفت من أداء الصدقة فأعان عليهم قوم رأيت أن يعطى من أعان عليهم، فإن لم يكن مما وصفت شئ، رد سهم سبيل الله إلى السهمان معه، وابن السبيل عندي، ابن السبيل من أهل الصدقة الذي يريد البلد غير بلده، لا من لزمه.
(كيف تفريق قسم الصدقات) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ينبغي للساعي على الصدقات أن يأمر بإحصاء أهل السهمان في عمله فيكون فراغه من قبض الصدقات بعد تناهى أسمائهم وأنسابهم وحالاتهم وما يحتاجون إليه، ويحصى ما صار في يديه من الصدقات فيعزل من سهم العاملين بقدر ما يستحق بعمله (3) ثم يقضى جميع ما بقي من السهمان كله عندهم كما أصف إن شاء الله تعالى، إذا كان الفقراء عشرة، والمساكين عشرين، والغارمون خمسة. وهؤلاء ثلاثة أصناف من أهل الصدقة، وكان سهمانهم الثلاثة من