وصفت من أنه لو تطوع عنه رجل والمتطوع عنه يقدر على الحج لم يجز المحجوج عنه (قال) ومن ولد زمنا لا يستطيع أن يثبت على مركب، محمل ولا غيره، أو عرض ذلك له عند بلوغه، أو كان عبدا فعتق، أو كافرا فأسلم فلم تأت عليه مدة يمكنه فيها الحج حتى يصير بهذه الحال، وجب عليه إن وجد من يحج عنه بإجارة أو غير إجارة، وإذا أمكنه مركب محمل أو (1) شجار أو غيره فعليه أن يحج ببدنه، وإن لم يقدر على الثبوت على بعير أو دابة إلا في محمل أو شجار وكيفما قدر على المركب وأي مركب قدر عليه، فعليه أن يحج بنفسه، لا يجزيه غيره (قال) ومن كان صحيحا يمكنه الحج فلم يحج حتى عرض له هذا، كان له أن يبعث من يحج عنه، لأنه قد صار إلى الحال التي أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحج فيها عمن بلغها (قال) ولو كان به مرض يرجى البرء منه، لم أر له أن يبعث أحدا يحج عنه حتى يبرأ فيحج عن نفسه، أو يهرم فيحج عنه أو يموت فيحج عنه بعد الموت، فإن قال قائل: ما الفرق بين هذا المريض المضنى وبين الهرم أو الزمن؟ قيل له لم يصر أحد علمته بعد هرم لا يخلطه سقم غيره إلى قوة يقدر فيها على المركب، والأغلب من أهل الزمانة أنهم كالهرم، وأما أهل السقم فنراهم كثيرا يعودون إلى الصحة (قال) ولو حج رجل عن زمن ثم ذهبت زمانته، ثم عاش مدة يمكنه فيها أن يحج عن نفسه، كان عليه أن يحج عن نفسه، لأنا إنما أذنا له على ظاهر أنه لا يقدر، فلما أمكنته المقدرة على الحج لم يكن له تركه وهو يقدر على أن يعمله ببدنه والله أعلم (قال) ولو بعث السقيم رجلا يحج عنه فحج عنه ثم برأ وعاش بعد البرء مدة يمكنه أن يحج فيها فلم يحج حتى مات كان عليه الحج، وكذلك الزمن والهرم (قال) والزمن والزمانة التي لا يرجى البرء منها والهرم، في هذا المعنى. ثم يفارقهم المريض، فلا نأمره أن يبعث أحدا يحج عنه ونأمر الهرم والزمن أن يبعثا من يحج عنهما، فإن بعث المريض من يحج عنه ثم لم يبرأ حتى مات ففيها قولان، أحدهما أن لا يجزئ عنه لأنه قد بعث في الحال التي ليس له أن يبعث فيها، وهذا أصح القولين وبه آخذ. والثاني أنها مجزية عنه، لأنه قد حج عنه حر بالغ وهو لا يطيق، ثم لم يصر إلى أن يقوى على الحج بعد أن حج عنه غيره، فيحج عن نفسه.
(باب من ليس له أن يحج عن غيره) أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال أخبرنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول " لبيك عن فلان " فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " إن كنت حججت فلب عن فلان وإلا فاحجج عن نفسك ثم احجج عنه " أخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة قال: سمع ابن عباس رجلا يقول " لبيك عن شبرمة " فقال ابن عباس " ويحك وما شبرمة؟ " قال فذكر قرابة له فقال " أحججت عن نفسك " فقال: لا قال " فاحجج عن نفسك ثم أحجج عن شبرمة " (قال الشافعي) وإذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالحج عن أبيها ففي ذلك دلائل منها ما وصفنا من أنها إحدى الاستطاعتين، وإذا أمرها بالحج عنه فكان في * (هامش) (1) شجار: بوزن كتاب، هو الهودج الصغير الذي يكفي واحدا فقط، كذا في كتب اللغة.
كتبه مصححه. (*)