(الركنان اللذان يليان الحجر) أخبرنا سعيد بن سالم (1) عن موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب القرظي: أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح الأركان كلها ويقول: لا ينبغي لبيت الله تعالى أن يكون شئ منه مهجورا، وكان ابن عباس يقول: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " (قال الشافعي) الذي فعل ابن عباس أحب إلي لأنه كان يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر الأسود يدل على أن منهما مهجورا، وكيف يهجر ما يطاف به؟ ولو كان ترك استلامهما هجرانا لهما لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرانا لها.
(باب استحباب الاستلام في الوتر) أخبرنا سعيد بن سالم عن عثمان بن الأسود عن مجاهد أنه كان لا يكاد أن يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل وتر من طوافه، أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس أنه قال: استلموا هذا لنا خامس (قال الشافعي) أحب الاستلام في كل وتر أكثر مما أستحب في كل شفع، فإذا لم يكن زحام أحببت الاستلام في كل طواف.
(الاستلام في الزحام) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وأحب الاستلام حين أبتدئ بالطواف بكل حال وأحب أن يستلم الرجل إذا لم يؤذ ولم يؤذ بالزحام ويدع إذا أوذى أو آذى بالزحام ولا أحب الزحام إلا في بدء الطواف وإن زاحم ففي الآخرة وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن " أصبت " أنه وصف له أنه استلم في غير زحام وترك في زحام لأنه لا يشبه أن يقول له أصبت في فعل وترك إلا إذا اختلف الحال في الفعل والترك وإن ترك الاستلام في جميع طوافه وهو يمكنه أو أستلم وهو يؤذى ويؤذى بطوافه لم أحبه له ولا فدية ولا إعادة عليه، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: " إذا وجدت على الركن زحاما فانصرف ولا تقف " أخبرنا سعيد بن سالم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن منبوذ بن أبي سليمان عن أمه أنها كانت عند عائشة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها: يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا، فقالت لها عائشة " لا أجرك الله لا أجرك الله تدافعين الرجال؟ ألا كبرت ومررت " أخبرنا سعيد عن (2)