كان سعيد بن سالم يذهب إلى أنه كفر بفرض الحج (قال الشافعي) ومن كفر بآية من كتاب الله كان كافرا وهذا إن شاء الله كما قال مجاهد: وما قال عكرمة فيه أوضح وإن كان هذا واضحا (قال الشافعي) فعم فرض الحج بالغ مستطيع إليه سبيلا، فإن قال قائل: فلم لا يكون غير البالغ إذا وجد إليه سبيلا ممن عليه فرض الحج؟ قيل الاستدلال بالكتاب والسنة قال الله جل ذكره: " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم " يعنى الذين أمرهم بالاستئذان من البالغين فأخبر أنهم إنما يثبت عليهم الفرض في إيذانهم في الاستئذان إذا بلغوا قال الله تعالى " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " فلم يأمر بدفع المال إليهم بالرشد حتى يجتمع البلوغ معه وفرض الله الجهاد في كتابه ثم أكد اليقين فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن عمر حريصا على أن يجاهد وأبوه حريص على جهاده وهو ابن أربع عشرة سنة فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم عام " أحد " ثم أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغ خمس عشرة سنة عام الخندق ورسول الله صلى الله عليه وسلم المبين عن الله ما أنزل جملا من إرادته جل شأنه فاستدللنا بأن الفرائض والحدود إنما تجب على البالغين وصنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عام " أحد " مع ابن عمر ببضعة عشر رجلا كلهم في مثل سنه (قال الشافعي) فالحج واجب على البالغ العاقل والفرائض كلها وإن كان سفيها وكذلك الحدود فإذا حج بالغا عاقلا أجزأ عنه ولم يكن عليه أن يعود لحجة أخرى إذا صار رشيدا وكذلك المرأة البالغة (قال) وفرض الحج زائل عمن بلغ مغلوبا على عقله لان الفرائض على من عقلها وذلك أن الله عز وجل خاطب بالفرائض من فرضها عليه في غير آية من كتابه ولا يخاطب إلا من يعقل المخاطبة وكذلك الحدود، ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك على ما دل عليه كتاب الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ فإن كان يجن ويفيق فعليه الحج فإذا حج مفيقا أجزأ عنه وإن حج في حال جنونه لم يجز عنه الحج وعلى ولى السفيه البالغ أن يتكارى له ويمونه في حجه لأنه واجب عليه ولا يضيع السفيه من الفرائض شيئا وكذلك ولى السفيهة البالغة (قال الشافعي) ولو حج غلام قبل بلوغ الحلم واستكمال خمس عشرة سنة ثم عاش بعدها بالغا لم يحج لم تقض الحجة التي حج قبل البلوغ عنه حجة الاسلام وذلك أنه حجها قبل أن تجب عليه وكان في معنى من صلى فريضة قبل وقتها الذي تجب عليه فيه (1) في هذا الموضع فيكون بها متطوعا كما يكون بالصلاة متطوعا ولم يختلف المسلمون عليه فيما وصفت في الذين لم يبلغوا الحلم والمماليك لو حجوا وأن ليست على واحد منهم فريضة الحج ولو أذن للملوك بالحج أو أحجه سيده كان حجه تطوعا لا يجزى عنه من حجة الاسلام إن عتق ثم عاش مدة يمكنه فيها أن يحج بعد ما ثبتت عليه فريضة الحج (قال) ولو حج كافر بالغ ثم أسلم لم تجز عنه حجة الاسلام لأنه لا يكتب له عمل يؤدى فرضا في بدنه حتى يصير إلى الايمان بالله ورسوله، فإذا أسلم وجب عليه الحج (قال) وكان في الحج مؤنة في المال وكان العبد لا مال له لان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين بقوله " من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع " فدل ذلك على
(١٢٠)