احتججت به قال فدع هذا قلت أقاويلك متباينة قال وكيف؟ قلت رويت عن عمر أنه أمر من فاته الحج يطوف ويسعى ويقصر أو يحلق ويحج قابلا وقلت له كان عليه هدى أمره به ورددت روايتنا عنه أنه أمر بالهدى، فإن قلت هي مقطوعة فكيف إذا كان في روايتك عنه أنه أمره بحج قابل ولم يأمره بعمرة، فلم لا تقول: لا عمرة عليه اتباعا لقول عمر وزيد بن ثابت وروايتنا عن ابن عمر؟ ما أعلمك إلا قصدت قصد خلافهم معا ثم خالفتهم بمحال فقلت لرجل فاته الحج: عليك عمرة وحج وهل رأيت أحدا قط فاته شئ فكان عليه قضاء ما فاته وآخر معه؟ والآخر ليس الذي فاته لان الحج ليس عمرة والعمرة ليست بحج.
(باب هدي الذي يفوته الحج) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى في المحصر بعدو يسوق هديا واجبا أو هدى تطوع، ينحر كل واحد منهما حيث أحصر ولا يجزى واحد منهما عنه من هدى الاحصار لان كل واحد منهما وجب عليه الواجب بوجوبه والتطوع بإيجابه، قبل أن يلزمه هدى الاحصار، فإذا أحصر فعليه هدى سواهما يحل به، فأما من فاته الحج بمرض أو غيره فلا يجزيه الهدى حتى يبلغ الحرم.
(باب الغسل لدخول مكة) (قال الشافعي) وإذا اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح لدخول مكة وهو حلال يصيب الطيب فلا أراه إن شاء الله ترك الاغتسال ليدخلها حراما وهو في الحرم لا يصيب الطيب، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغتسل لدخول مكة (قال الشافعي) وأحب الغسل لدخول مكة وإن تركه تارك لم يكن عليه فيه فدية لأنه ليس من الغسل الواجب.
(باب القول عند رؤية البيت) أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال " اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا " أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال حدثت عن مقسم مولى عبد الله بن الحرث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ترفع الأيدي في الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وعشية عرفة وبجمع وعند الجمرتين وعلى الميت " أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان حين ينظر إلى البيت يقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام " (قال الشافعي) فأستحب للرجل إذا رأى البيت أن يقول ما حكيت وما قال من حسن أجزأه إن شاء الله تعالى.