بوله عاشق قديم لم يندمل بعد جرح عشقه، وبحرقة مولع متيم عادلتوه من نعمى لقاء باذخ. راح أبي يقص علي حجته الأولى، وفي عينيه فتور مستثار، وعلى لسانه حذر ناعم، فوق فمه ابتسامة مشربة بحب تحاول أن تفصح عن نفسها، فيمنعها - كما يبدوا - حياء مهيب ووقار وجلال بهي.
قلت لأبي وقد استثارتني حالته تلك - أراك تتحدث عن حجتك الأولى كما يتحدث مغرم عن سعادة وصاله الأول.
قال - وقد تهدج صوته وتكسر وهو يخاطبني -: وأنا أستعيد معك الآن شريط ذكريات ذلك الشوط الممتع، أسترجع بشوق دافق دفء وعذوبة ونشوة ذلك الهوى الممض المبرح المغروس في القلب..
ألم تقرأ قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا).
وقوله تعالى - على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام - بسم الله الرحمن الرحيم: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي