بدأ أبي حديثه عن شهر رمضان وفي صوته بحة مرتعشة، وفي عينيه نثارة من دمع متوهج مشتعل، وفي روحه ينبوع من حنان متفجر. فاسم رمضان يقترن عنده بكل المعاني العذبة الجميلة الخيرة للصفح والسماح والبركة والرحمة والمغفرة والرضوان.
ومن أجل أن يثبت قناعاته تلك ويوثق مشاعره نقلني إلى مشهد يعبق بعطر الجلال ووسامة المهابة.. إلى حيث يقف رسول الله صلى الله عليه وآله محاطا بأهل بيته وأصحابه يخطب فيهم، فيقول: (أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عنده الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة. وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب فسئلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم.
أيها الناس إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة. فسلوا ربكم أن لا يغلقها عليكم. وأبواب النيران مغلقة، فسلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة، فسلوا ربكم أن لا يسلطها عليكم).